[الكلام في إجماع العترة]
  واقع قطعاً، فثبت ذهاب الرجس عنهم وطهارتهم عنه الطهارة التامة.
  والرجس المطهرون(١) عنه ليس إلا ما يستخبث من الأقوال والأفعال ويستحق عليه الذم والعقاب؛ لأن معناه الحقيقي لا يخلو عنه أحد منهم، وليس المراد إذهابه عن كل فرد(٢)؛ لأن المعلوم خلافه، فتعين أن المقصود إذهابه عن جماعتهم، وهو المطلوب.
(قوله): «الطهارة التامة» فهم ذلك من تعريف الرجس.
(قوله): «والرجس ليس إلا ما يستخبث ... إلخ» لا يقال: الحجية[١] إنما تثبت بأن ينتفي الخطأ كما أنه لا بد منه في إجماع الأمة، والخطأ ليس مما يستخبث ويذم عليه؛ لأنه معفو. يؤيد هذا أن العصمة لم تثبت بمجردها حجية قول أمير المؤمنين كرم الله وجهه؛ لعدم منافاتها للخطأ، بل إنما تثبت بأدلة أخرى كما ذلك معروف، وسيأتي تفسير الرجس بالشك عن ابن عباس ®، وعن واثلة أيضاً. وفي تفسير السيوطي لآيات الأحكام ما لفظه: واستدل به من قال: إن إجماع أهل البيت حجة؛ لأن الخطأ رجس فيكون منفياً عنهم. قلت: فحينئذ لا إشكال.
(قوله): «عن كل فرد» لعله أراد غير الأربعة.
(١) في شرح الغاية لابن جحاف: ولا يمكن أن يراد بالرجس معناه الحقيقي الذي هو الأقذار والنجاسات؛ للعلم بأنه لم يطهرهم منها، وأنه ينجس منهم ما ينجس من غيرهم، فتعين أن يكون المراد المعنى المجازي، وهو الذنوب والمعاصي، وسماها رجساً استعارة بواسطة علاقة المشابهة، وتطهيرهم بعصمته تعالى لهم، ولما لم تثبت العصمة لكل فرد منهم بانفراده غير الأربعة - للعلم أيضاً بأنها تجوز عليهم، ويصدر من أفرادهم ما يصدر من غيرهم - علم أن المطهر بالعصمة هو جماعتهم، فلا يجوز عليهم أن يتفقوا على مقارفة شيء منها، فثبتت عصمتهم؛ إذ لا مخرج للفظ عن حقيقته ومجازه، فإذا بطل أن يراد الحقيقة ثبت المجاز، وإذا بطل أن يراد بالتطهير لكل فرد ثبت التطهير للجماعة؛ لأن مراده تعالى كائن، فثبتت عصمتهم فيما اتفقوا عليه، فيجب اتباعهم لثبوت كونهم على الحق.
(٢) في شرح ابن جحاف: لا يقال: قد أمرنا بمحبة كل مؤمن وموالاته، فيجب علينا اتباعه في أقواله وأفعاله، واللازم ظاهر البطلان؛ لأنا نقول: لم نؤمر بمودته أمراً مطلقاً، بل ما علمنا كونه على الحق وما دام كذلك، ومخالفته من حيث كونه محقاً - وهي الطريق التي وجبت بها مودته - تنافي مودته من هذه الحيثية، فتحرم حينئذ، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ}[يونس: ٣٢]، ولم نؤمر أمراً مطلقاً حتى تكون المخالفة منافية للمودة مطلقاً، ولو أمرنا بمودته أمراً مطلقاً لوجبت عصمته، كما أمر تعالى بمودة جماعة أهل البيت $ أمراً مطلقاً وجبت به عصمتهم عن الخطأ وحرمت مخالفتهم؛ لمنافاتها مودتهم. لا يقال: نحن نحبهم لقرابتهم من رسول الله ÷، ونخالفهم فيما اتفقوا عليه من الأقوال والأفعال، ولا منافاة؛ لأن جهة المودة هي القرابة، ومخالفتهم من غير هذه الحيثية، بل من جهة أخرى؛ لأنا نقول: هذه المودة وجودها وعدمها على سواء؛ إذ لم يبق لها مورد غير اللسان، ولا عبرة به وحده، فإذاً صارت كقدرة الأشعري؛ قالوا: للعبد قدرة حال الفعل لكن لا تأثير لها فيه ... إلى آخر كلامه فخذه.
[١] قوله: «لا يقال: الحجية» لم تثبت إلا في بعض النسخ، وتركها أولى. (ح عن خط شيخه).