هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيما اتفق عليه أهل المدينة من الصحابة والتابعين]

صفحة 142 - الجزء 2

  والمختار ما عليه الجمهور⁣(⁣١)، وهو أن (إجماع) أهل (المدينة غير حجة) لأن أدلة الإجماع لا تنتهض بهم وحدهم؛ لكونهم بعض الأمة⁣(⁣٢).

  (و) أما قولهم: إنه ثبت (قضاء العادة⁣(⁣٣) بأن اتفاق مثلهم) من العلماء المجتمعين الأحقين بالاجتهاد لا يكون إلا (عن) دليل (راجح) على غيره يقتضي أن يكون⁣(⁣٤) إجماعهم حجة ظنية فجوابه: أنه (ممنوع) لجواز أن يكون


(قوله): «المجتمعين» يعني في المدينة وقلة غيبتهم عنها فيحصل تشاورهم وتناظرهم، فإذا اتفقوا فيبعد عدم اطلاع أحدهم على دليل المخالف مع رجحانه.

(قوله): «الأحقين بالاجتهاد» احتراز من مجتمعين في موضع آخر لا يكون مهبطاً للوحي، وأهله⁣[⁣١] غير واقفين على وجوه الأدلة من قول رسول الله ÷ وفعله وفعل الصحابة في زمانه ووجوه الترجيح.

(قوله): «يقتضي» أي: الدليل الراجح.

(قوله): «حجة ظنية» قال البرماوي: إذا قلنا: إن إجماع المدينة حجة فقال الأبياري المالكي: ليس كإجماع جميع الأمة حتى يفسق مخالفه وينقض حكمه، وإنما هو مأخذ شرعي فقط⁣[⁣٢].


(١) في زاد المعاد في قوله: فصل: ثم كان ÷ يسلم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك ... إلى قوله: وليس مع القائلين بالتسليمة غير عمل أهل المدينة. قال - يعني ابن عبد البر -: وهو عمل قد توارثوه كابراً عن كابر، ومثله يصح⁣[⁣٣] الاحتجاج به؛ لأنه لا يخفى؛ لوقوعه في كل يوم مراراً. وهذه طريقة قد خالفهم فيها سائر الفقهاء، والصواب معهم، يريد الفقهاء، والسنن الثابتة عن رسول الله ÷ لا تدفع وترد بعمل أهل بلد كائناً من كان، وقد أحدث الأمراء بالمدينة وغيرها في الصلاة أموراً استمر عليها العمل ولم يلتفت إلى استمراره، وعمل أهل المدينة الذي يحتج به ما كان في زمن الخلفاء الراشدين، وأما عملهم بعد موتهم وبعد انقراض عصر من بها من الصحابة فلا فرق بينه وبين عمل غيرهم، والسنة تحكم بين الناس لا عمل أحد بعد رسول الله ÷ وخلفائه. اهـ وفي كون عمل أهل المدينة أيام الخلفاء حجة مبني على أن عمل الخلفاء الأربعة حجة، وفيه ما ذكره المؤلف بقوله: (ونحوه قول الشيخين ... إلخ). (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).

(٢) والأصل عدم دليل آخر. (فصول بدائع).

(٣) عبارة فصول البدائع: لهم أولاً: أن العادة قاضية بعدم إجماع مثل هذا الكثير من المحصورين في مهبط الوحي الواقفين على وجوه الأدلة والترجيح إلا عن راجح. وجوابه منع ذلك؛ لما علم من تشتت الصحابة قبل زمان صحة الإجماع؛ فيجوز أن يكون لغيرهم متمسك راجح لم يطلعوا عليه، وبهذا⁣[⁣٤] ليس احتمالاً بعيداً.

(٤) في المطبوع: يقتضي بأن إجماعهم ... إلخ.


[١] في المطبوع: فأهله. والمثبت من شرح العضد وحاشيته.

[٢] قال البرماوي بعد هذا: وبالجملة فالمسألة طويلة الذيل موصوفة بالإشكال أفردت بالتصنيف، صنف فيها الصيرفي وغيره.

[٣] في المطبوع: لا يصح. والمثبت من زاد المعاد، وفي هامش (ب): لعل «لا» زائدة.

[٤] في فصول البدائع: فهذا.