هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في مستند الإجماع]

صفحة 194 - الجزء 2

  (وإلا) يكن قطعياً (فهو محتمل) لأن يكون سنداً وأن لا يكون؛ لسعة الظنيات، ونقل ابن برهان⁣(⁣١) في الأوسط عن الشافعي أنه يجب أن يكون سنداً؛ لوجوب السند في الإجماع وصلاحية هذا له، والأصل عدم غيره.

  وقال القاضي عبدالوهاب المالكي في ملخصه: إن كان الخبر من الآحاد فإن علمنا ظهور الخبر بينهم وأنهم عملوا بموجبه لأجله فلا كلام، وإن علمنا ظهوره بينهم وعملهم بموجبه ولكنا لم نعلم أنهم عملوا لأجله ففيه ثلاثة مذاهب: ثالثها: إن كان على خلاف القياس فهو مستندهم⁣(⁣٢)، وإلا فلا⁣(⁣٣).

  وإن لم يكن ظاهراً بينهم لكن عملوا بما يتضمنه فلا يدل على أنهم عملوا من أجله، وهل يكون إجماعهم على موجبه دليلاً على صحته؟ فيه خلاف، منهم من قال: لا يدل، كما أن حكم الحاكم لا يدل على صدق الشهود، والصحيح دلالته عليه؛


(قوله): «ففيه ثلاثة مذاهب» الأول: أن يكون مستندهم، الثاني: أن لا يكون مستندهم.

(قوله): «إن كان على خلاف القياس» أي: يكون مخالفاً للقياس.

(قوله): «فهو مستندهم» إذ لولاه لما ارتكبوا خلاف القياس.

(قوله): «والصحيح دلالته عليه» اهـ كلام القاضي عبدالوهاب، كذا نقل.


(١) بفتح الباء الموحدة.

(٢) فيه بحث، وذلك لأن أهل الإجماع لم يحكموا بصحته، ولا يلزم من عملهم بموجبه أنهم علموه فضلاً عن تصحيحه، لا سيما مع قولنا: إنه لا يدل علمهم بما يتضمنه على أنهم عملوا من أجله، اللهم إلا أن يكون المراد أن المفروض وقوع الإجماع في مخالفة القياس فلا يكون القياس سنداً؛ إذ لا بد للإجماع من مستند، فإن كان ذلك الظني فقد دل على صحته، وإن كان ظنياً آخر فلا بد أن يكون موافقاً له في المعنى من كل وجه؛ إذ الفرض أن الإجماع على موجبه، فيلزم صحة معناه قطعاً وإن لم يكن مستنداً، وغايته أنه نقل بمعنى ما هو سند في نفس الأمر. (من خط القاضي العلامة حسن بن محمد المغربي).

(*) للقطع بوجوب السند، ولا قطعي فيكون سنداً، ولا قياس لكونه على خلافه، وقد علمنا ظهور الظني بينهم، فتعين أن يكون هو السند.

(٣) لجواز جهلهم، وفي حاشية: لجواز أن يكون السند هو القياس ولو كان الظني ظاهراً بينهم؛ لجواز قدحهم فيه أو قدح بعضهم أو ترجيح القياس عليه من الكل أو البعض أو خفائه على بعضهم متناً أو دلالة أو نحو ذلك. اهـ والله أعلم.