هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيما إذا اختلف المجتهدون على قولين هل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث]

صفحة 201 - الجزء 2

  الحادثة (قبل الاستقرار) على تلك المذاهب، وذلك (كما حكي عن مسروق⁣(⁣١)) أنه أحدث فيما اختلفت فيه الصحابة من مسألة الحرام قولاً آخر، قال جار الله: روي عن أبي بكر وعمر وابن عباس وابن مسعود وزيد: أن الحرام يمين، وعن عمر: إذا نوى الطلاق فرجعي، وعن علي ¥ ثلاث، وعن زيد واحدة بائنة، وعن عثمان ظهار، وكان مسروق لا يراه شيئاً ويقول: ما أبالي أحرمتها أم قصعة من ثريد، وكذلك عن الشعبي قال: ليس بشيء؛ محتجاً بقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ}⁣[النحل: ١١٦]، وقوله: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}⁣[المائدة: ٨٧]، وما لم يحرمه الله فليس لأحد أن يحرمه، ولا يصير بتحريمه حراماً.


(قوله): «فمحمول على أنه قبل الاستقرار ... إلخ» كلام المؤلف سالم عما أورد على كلام ابن الحاجب، وذلك لأنه لما استدل للقائل بالجواز بقوله: قالوا: لو كان الثالث باطلاً لأنكر لما وقع، وأجاب بأن ذلك من قسم الجائز - اعترض عليه بأن هذا الاستدلال إنما يرد على المانعين مطلقاً، والجواب إنما يتم على رأي القائلين بالتفصيل، وأما على رأي المانعين فالجواب أنه يجوز أن يكون إحداث القول الثالث قبل استقرار المذاهب.

وأما المؤلف # فإنه أجاب على رأي المانعين بقوله: فمحمول ... إلخ، وأشار إلى الجواب على رأي القائلين بالتفصيل بقوله: وإلا فواضح ... إلخ، فتم بما ذكره المؤلف # الجواب على المذهبين.


(١) وكما نقل عن مسروق في ميراث الجد مع الأخ أنه قال بحرمانه وأن الأخ يسقطه، وهو رافع للقولين المتقدمين؛ لأن الصحابة فريقان: قائل بأن المال كله للجد، وقائل بالمقاسمة، فالحرمان رافع، فإن صح هذا عن مسروق فهو محمول على أنه قال به قبل استقرار الخلاف، والاجتهاد قبله سائغ كما مر. (شرح ابن جحاف).

(*) مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية الهمداني، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وسمع عمر وابن مسعود وخباب بن الأرت وزيد بن ثابت وعبدالله بن عمرو والمغيرة بن شعبة وعائشة وعبيد بن عمير، وروى عنه الشعبي والنخعي وآخرون. قال الشعبي: ما علمت أطلب للعلم في الآفاق من مسروق، وما ولدت همدانية مثله، وقال يحيى بن معين: ثقة لا يسأل عنه، وقال ابن المديني: ما أقدم عليه أحداً من أصحاب عبدالله، وقال ابن سعد: وكان ثقة وله أحاديث صالحة، وقال العجلي: تابعي ثقة. توفي سنة ثلاث أو اثنتين وستين، روى له الجماعة، وكان يصلي حتى ترم قدماه. (من الإكمال). وحج فما نام إلا ساجداً، ذكره في الأحباب. [قال في الجداول مختصر الطبقات: شهد مع علي # حرب الخوارج، عداده في ثقات الشيعة. (منه بتصرف)].