هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام فيما إذا اختلف المجتهدون على قولين هل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث]

صفحة 200 - الجزء 2

  احتج القائل بالجواز مطلقاً: أما أولاً: فبأن اختلافهم دليل على أن المسألة اجتهادية يجوز فيها العمل بما يؤدي إليه الاجتهاد، فكيف يكون مانعاً منه؟ وهذا معنى قوله: (قيل: الاختلاف يشهد بالجواز، قلنا: لا اختلاف في الممنوع) لأن ما قلنا فيه بالمنع هو ما اتفقوا عليه ويرفعه القول الثالث، كالاتفاق على عدم الرد مجاناً فإنهم لم يختلفوا فيه، فلا يكون اجتهادياً.

  وأما ثانياً: فبأنه لو كان الثالث باطلاً لأُنكِر إذ⁣(⁣١) وقع، لكنه لم ينكر، أما الأولى فللأمر بالنهي عن المنكر، والسلف لا يتفقون على مخالفة الأمر، وأما الثانية فلأن الصحابة اختلفوا في زوج وأبوين وزوجة وأبوين، فقال ابن عباس ®: للأم ثلث الأصل قبل فرض الزوج والزوجة، وقال الباقون: للأم ثلث الباقي بعد فرضهما، وأحدث التابعون قولاً ثالثاً، فقال ابن سيرين بقول ابن عباس في زوجة وأبوين دون زوج وأبوين، ولم ينكر عليه أحد⁣(⁣٢)، وإلا لنقل.

  (و) الجواب: أن (ما وقع من التابعين) من إحداث ما لم يقل به الصحابة (إن رفع) مذاهبهم (فمحمول على أنه) وقع وقت الاختلاف منهم والنظر في


(قوله): «في الممنوع» أي: فيما حكمنا بمنعه، وهو الذي يرفع القولين.

(قوله): «ويرفعه القول الثالث» عطف على «اتفقوا عليه»، فهو من جملة الموصول، ويحتمل أنه حال.

(قوله): «كالاتفاق على عدم الرد» مثال لما اتفقوا عليه.

(قوله): «على عدم الرد مجاناً» فإنه يرفعه الرد مجاناً.

(قوله): «لكنه لم ينكر» وإلا لنقل؛ لتوفر الدواعي على نقله.

(قوله): «دون زوج وأبوين» لأنه لو كان لها ثلث الأصل في زوج وأبوين لأخذت أكثر من الأب.

(قوله): «إن رفع» كمسألة الرد مجاناً.


(١) في المطبوع ومخطوطة: إذا.

(٢) في العضد والجلال على المختصر: فقال ابن سيرين في مسألة الزوج بقول ابن عباس: لها ثلث الأصل وإن فضلت على الأب، وفي مسألة الزوجة بقول الصحابة: لها ثلث الباقي. وعكس تابعي آخر الحكم فيهما، فقال في مسألة زوج: ثلث ما بقي؛ لئلا تفضل على الأب، وفي مسألة زوجة: ثلث الأصل؛ لأنها لا تفضل فيها عليه، ولم ينكر عليهما⁣[⁣١] أحد، وإلا لنقل.


[١] في المطبوع: عليه. والمثبت من العضد.