هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الكلام في إحداث دليل أو تأويل لم يقل به المتقدمون]

صفحة 204 - الجزء 2

  (قيل:) فرق بين⁣(⁣١) ما تجدد من الوقائع وما نحن فيه؛ إذ (هنا سبيل) للمؤمنين، وهو استدلالهم وتأويلهم السابق، فإحداث الآخر يكون اتباعاً لغيره، و (لا) سبيل لهم (هناك) أي: في الواقعة المتجددة، فإحداث القول فيها إحداث لسبيل لا اتباع لغير سبيلهم؛ إذ لا سبيل لهم فيها.

  (قلنا): لا نسلم الفرق؛ إذ (لا سبيل) لهم أيضاً (في المتنازع) فيه، وهو الدليل والتأويل الحادث، وإنما يكون لهم سبيل لو حكموا فيه بصحة أو فساد، والمفروض خلافه.

  والحق أن المراد بالسبيل الذي وقع التهديد على اتباع غيره نفس المتعبد به لا


(قوله): «قيل هنا سبيل لا هناك» هذا ذكره في شرح المختصر، وأجاب عنه المؤلف # بأنه لا سبيل لهم في المتنازع فيه، أي: لا سبيل للأولين فيه كالحادثة المتجددة، فالضمير عائد إلى الأولين لا إلى من بعدهم كما قد يتوهم⁣[⁣١]؛ إذ يفسد المعنى ولا يندفع الاعتراض، والمعنى أن الأولين إنما يكون لهم سبيل في المتنازع فيه لو حكموا فيه بصحة فيكون من بعدهم متبعين لسبيلهم، أو حكموا فيه بفساد فيكونون متبعين لغير سبيلهم.

(قوله): «والحق ... إلخ» لما كان الجواب الأول⁣[⁣٢] مقتضاه أن المراد⁣[⁣٣] بالسبيل الحكم بالصحة والفساد خاصة ذكر المؤلف # أن الحق التعميم، فيراد بالسبيل الحكم المتعبد به أعم⁣[⁣٤] من الصحة والفساد، وحينئذ فلا إشكال في قوله: «والحق» بعد قوله: الحكم بالصحة والفساد كما قد يتوهم.


(١) في شرح ابن جحاف: قيل: هاهنا فرق بين ابتداء دليل على حكم لم يقولوا فيه بنفي ولا إثبات فلم يستدلوا عليه بدليل، وبين إحداث دليل على حكم قد استدل عليه المجمعون بدليل آخر - بأن هنا سبيلاً لهم وقد اتبع غيره، لا هناك - أي: فيما تجدد من الوقائع - فلا سبيل لهم فيها حتى يمكن اتباع غيره، فلا يصح الإلحاق، ولا ملازمة، فيمتنع فيما استدلوا عليه لا فيما لم يستدلوا عليه؛ لوجود الفارق. (منه).


[١] ينظر من أين ينشأ التوهم. (ح عن خط شيخه).

[٢] وهو قوله: قلنا: لا سبيل ... إلخ.

[*] - في المطبوع: لما كان هذا الجواب الأول. والمثبت من نسخة.

[٣] عبارة المؤلف: لو حكموا فيه بصحة أو فساد. (ح عن خط شيخه).

[٤] شكل على قوله (أعم)، وعليه ما لفظه: يقال: بل الفرق كون الصحة والفساد في الجواب الأول عائدين إلى الطريق، يدل عليه قوله: والمفروض خلافه، وفي الثاني إلى الحكم لا طريقه كما صرح به فتأمل. اهـ وفي حاشية عليه أيضاً: ينظر في أعمية الحكم المتعبد به للحكم بالصحة والفساد؛ إذ المراد به الأحكام الخمسة ... إلخ فتأمل. (ح عن خط شيخه).