هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف أصول الفقه]

صفحة 96 - الجزء 1

  ولا يبعد أن يقال: إن هذا التعريف مشتمل على العلل الأربع، فإن المركب إشارة إلى العلة⁣(⁣١) الصورية مطابقة [وهو ظاهر⁣(⁣٢)] والفاعلية بالالتزام،


= وقد وقع الاحتراز به عن نفس القضايا الحدسية والفطرية لا عن الحاصل عنها، أي: النتيجة، فالأنسب أن يجعل احترازاً عما حصل عن القضايا الحدسية والفطرية كما هو مقتضى المقابلة لقوله: مطلوب نظري، وكما هو مقتضى تمثيلهم للقضايا التي قياساتها معها بقولهم: الأربعة زوج، فإن قولهم: الأربعة زوج غير القياس المرتب في الذهن، فهو مقابل للمطلوب النظري، وكأنه # نظر إلى أن المجهول النظري لما كان حصوله عن مقدمات نظرية صح الاحتراز به عن نفس القضايا الحدسية والفطرية.

(قوله): «ولا يبعد أن يقال ... إلخ»: لما كان المشهور فيما بينهم أن المشتمل على العلل الأربع هو حد النظر لا حد الدليل أورد المؤلف # هذه العبارة حيث لم يقل: وهذا الحد مشتمل ... إلخ.

وبيان ذلك: أنهم عرفوا النظر بأنه ترتيب أمور للتأدي إلى مجهول. قال في شرح الشمسية للسعد: قد اشتهر فيما بينهم أن هذا التعريف مشتمل على العلل الأربع.

قلت: لكن قد اعترض جعلهم للترتيب إشارة إلى العلة الصورية بأن مفهوم الترتيب المطابقي غير الهيئة الاجتماعية؛ لأنه كما عرفت جعل شيئين فصاعداً بحيث يطلق عليهما اسم الواحد ... إلخ، وأما المؤلف فإنه جعل المركب نفسه إشارة إلى العلة الصورية، فلا إشكال في عبارته.

(قوله): «مشتمل على العلل الأربع» وفيه كما ذكره في شرح الشمسية لطافة؛ وذلك أن المراد بهذا التعريف بيان حقيقة الدليل، وذكر العلل يفيد الحقيقة؛ لأن علل الشيء إذا وجدت في الذهن يلزم وجود حقيقته.

وتحقيق العلل الأربع على ما ذكره السعد في شرحه للشمسية وغيره أن ما يتوقف عليه الشيء إن كان داخلاً في ذلك الشيء⁣[⁣١] فإما أن يكون الشيء معه بالقوة وهو العلة المادية، كالخشب للسرير والحديد، أو بالفعل وهي الصورية، كالهيئة السريرية، وهي الاستطاح، وإن كان خارجاً عنه فإن كان ما منه الشيء فهو العلة الفاعلية كالنجار، وإن كان ما لأجله الشيء فهو العلة الغائية كالاضطجاع على السرير، فسميت الثلاثة الأول أسباباً لتأثيرها في الاضطجاع، فلولا الخشب والحديد ما تماسك، ولولا الفاعل ما ترتب، ولولا الاستطاح ما تأتى الاضطجاع عليه، فإنه لو كان كرياً أو محدودباً لتعذر عليه الاضطجاع.

وسمي الرابع سبباً؛ لأنه الباعث على هذه الثلاثة، فإنه لولا استشعار النفس راحة الاضطجاع لما وقع في الوجود هذه الثلاثة، وهذا معنى قولهم: أول الفكر آخر العمل، ومعنى قولهم: العلة الغائية علة العلل الثابتة في الأذهان، ومعلولة العلل الثابتة في الأعيان، ولذلك كان التجوز بلفظها إلى معلولها أقوى من الثلاثة الباقية؛ لاجتماع علاقتين فيها العلة والمعلولية، وانفراد الثلاثة⁣[⁣٢] بعلاقة العلية فقط.


(١) فإن صورة الفكر هي الهيئة الاجتماعية الحاصلة للتصورات أو التصديقات كالهيئة الحاصلة لأجزاء السرير في اجتماعها، ذكر هذا القطب قال: والترتيب إشارة إلى العلة الصورية بالمطابقة.

(٢) ما بين المعقوفين ساقط من المخطوطات الثلاث. وفي (ب، ج): إلى العلة الصورية والفاعلية بالالتزام.


[١] تفسير للضمير الأول العائد إلى الشيء. (ح).

[٢] ينظر في انفراد الثلاثة بعلاقة العلية مع ما ذكره سابقاً. (ح عن خط شيخه الحسن بن إسماعيل).