[تعريف أصول الفقه]
  وتحصيله من الوجه(١) الذي يطلب بالنظر تحصيله وإن وجب أن يكون معلوماً بوجه آخر حتى يمكن طلبه بالقصد(٢).
  والتقييد بالنظري لإخراج ما ركب من قضايا حدسية(٣) وقضايا قياساتها معها.
= هكذا ذكره السعد في المطلوب التصوري، ويعرف منه بالمقايسة المطلوب التصديقي. والحاصل أن المطلوب لو كان معلوماً من كل وجه أو مجهولاً من كل وجه استحال طلبه، فلا بد وأن يكون مجهولاً من وجه معلوماً من وجه آخر. فينبغي أن يراد بالمجهول في كلامه # هو المجهول من وجه، فلو قال: وإنما اعتبر الجهل في المطلوب - أي: من وجه - حيث قيل: للتأدي إلى مجهور ... إلخ لكان أظهر. فقوله: «وتحصيله» عطف على استعلام، أي: واستحالة تحصيل المعلوم، أي: تحصيله بالفعل، فيمتاز عن استعلام المجهول. ولو قال: لاستحالة تحصيله من الوجه ... إلخ لكان أخصر وأولى؛ لأن الاستحالة فيه أظهر من الاستعلام.
وقوله: «من الوجه» متعلق بالمعلوم؛ إذ ليس المعنى على تعلقه بالتحصيل، يعرف بالتأمل. وضمير تحصيله للوجه[١]. هذا وكلام المؤلف إشارة إلى إشكال مشهور في استحصال المجهول وإلى جوابه أوردهما ابن الحاجب وشراح كلامه حيث قالوا: لا مطلوب من التصور والتصديق لأنه إما أن يكون حاصلاً معلوماً فلا يطلب لكونه تحصيلاً للحاصل، وإما غير حاصل فلا شعور به فلا يطلب لامتناع طلب المجهول.
وحاصل الجواب على ما حققه الشريف في حواشي شرح المختصر أن يقال: إن أريد بالحاصل ما هو معلوم من كل وجه، وبغير الحاصل ما لم يعلم أصلاً فالحصر ممنوع؛ إذ قد يكون معلوماً من وجه دون وجه، وحينئذ يريد بالحاصل ما هو معلوم بوجه ولا محذور في طلبه من الوجه المجهول؛ لأن الوجه المجهول ليس مجهولاً مطلقاً ليمتنع توجه النفس إليه بل هو معلوم ببعض عوارضه الذي هو الوجه المعلوم.
(قوله): «لإخراج ما ركب من قضايا حدسية وقضايا قياساتها معها» فإن المراد بالنظري ما حصل عن النظر، وهما ليسا بحاصلين عن النظر كما سيأتي. وينبغي إخراج المجربات[٢] أيضاً فإنها من هذا القبيل. والمراد بالقضايا التي قياساتها معها: القضايا الفطرية، كقولنا: الأربعة زوج[٣] لانقسامها بمتساويين، فإن من تصور الأربعة والزوج والانقسام بمتساويين ترتب في ذهنه قياس هكذا: الأربعة منقسمة بمتساويين، وكل منقسم بمتساويين زوج واعلم أن المراد بالمجهول النظري هنا هو المطلوب، أي: النتيجة الحاصلة عن القضايا النظرية المقابلة للقضايا الحدسية، =
(١) قوله: من الوجه متعلق بالمعلوم؛ إذ ليس المعنى على تعلقه بالتحصيل يعرف بالتأمل وضمير (تحصيله) الآخر للوجه. (س) مع زيادة توضيح يسير.
(٢) لأن المجهول من كل وجه لا يمكن طلبه.
(٣) كقولنا: نور القمر مستفاد من نور الشمس.
[١] وعبارة ميبدي: للتأدي إلى مجهول بالوجه الذي يطلب بالفكر تحصيله، وإنما وجب أن يكون معلوماً بوجه آخر حتى يمكن طلبه بالاختيار. اهـ (ح).
[٢] كقولنا: نور القمر مستفاد من نور الشمس.
[٣] عبارة القطب: كقولنا: الأربعة زوج، فإن من تصور الأربعة والزوج تصور الانقسام بمتساويين في الحال، وترتب في ذهنه أن الأربعة منقسمة بمتساويين فهو زوج، فهي قضايا قياساتها معها في الذهن. (ح).