هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الخبر وأقسامه]

صفحة 229 - الجزء 2

  بالحكم⁣(⁣١) الإيقاع أو الانتزاع، أي: التصديق والجزم بثبوت نسبته التي اشتمل عليها أو انتفائها، ولسنا نريد بالدلالة عليه وجوده بحيث لا يتخلف عنها، بل يجوز تخلفه عنها والدلالة بحالها كما في خبر المجنون والساهي والنائم والشاك من عدم الجزم؛ لأن الدلالة اللفظية يجوز تخلف المدلول عنها.

  والمراد بدلالته على النسبة الخارجية: دلالته على تحققها في أحد الأزمنة الثلاثة سواء كانت كذلك في نفس الأمر أم لا؛ لما عرفت من جواز تخلف المدلول عن الدال في الدلالة اللفظية⁣(⁣٢).

  بيان ذلك: أنك إذا قلت: «قام زيد» فقد دل هذا الخبر على ثبوت القيام لزيد في نفس الأمر، وعلى الحكم بذلك الثبوت؛ فإن كان الموجود في الواقع أن زيداً قائم تطابق الحكم بثبوت القيام لزيد وما في الواقع، وتطابق أيضاً قيامه في الواقع⁣(⁣٣) الذي هو مدلول الخبر


(قوله): «التي اشتمل عليها» اشتماله عليها من حيث أنه دال عليها.

(قوله): «ولسنا نريد بالدلالة عليه وجوده» ظاهره أن الضمير يعود إلى الحكم؛ بقرينة قوله: كما في خبر المجنون والساهي والنائم والشاك من عدم الجزم بالحكم الذي هو إيقاعها أو انتزاعها، وقال المحقق الشريف: بل قد يكون المتكلم شاكا في النسبة ويذكر ما يدل على الإيقاع أو الانتزاع، وقد يكون جازماً بأحدهما ويذكر ما يدل على الآخر كما في خبر الكاذب.

(قوله): «من عدم الجزم» بيان لما في قوله: كما في خبر المجنون.

(قوله): «على ثبوت القيام ... إلخ» إشارة إلى النسبة التي دل عليها الكلام اهـ. وقوله: (وعلى الحكم) إشارة إلى الإيقاع الذي هو التصديق.

(قوله): «وتطابق أيضاً قيامه» أي: ثبوت قيامه ... إلخ، صرح المؤلف # هنا بأن المطابق للواقع أمران: الحكم الذي هو التصديق والنسبة، وفيما يأتي جعل المطابق أحدهما حيث قال: حكمه أو نسبته، ولعل الوجه أن المذكور هاهنا على جهة الاتفاق، أعني اتفاق المطابقة لمجموعهما كما هو الفرض حيث قال: وإن كان الموجود في الواقع أن زيداً قائم. والمذكور فيما سيأتي على جهة الشرطية في تحقق الصدق وذلك أن الشرط في تحققه إنما هو مطابقة أحدهما، إما النسبة على قول أو الحكم على قول.


(١) قال الشريف: الحكم يطلق على النسبة الحكمية وهي إيقاعها. اهـ وقد صرح بذلك في شرح المطالع، وذكره الشيخ لطف الله.

(٢) بخلاف العقلية والطبيعية.

(٣) فإن المطابقة مفاعلة من الطرفين، وقد يطلقان - أي: الصدق والكذب - على نفس المطابقة، وبه اندفع الدور المورد على تعريف الخبر.