(الباب الأول في الأخبار)
  المطابقة أو اعتقاد عدمها أو بدون الاعتقاد.
  فهذه أقسام ستة، صادقها المطابق للواقع مع اعتقاد المطابقة، وكاذبها غير المطابق للواقع مع اعتقاد عدمها، والباقي ليس بصادق ولا كاذب، وهو: المطابق مع اعتقاد عدم المطابقة أو بدون اعتقاد، وغير المطابق مع اعتقادها أو بدون اعتقاد.
  (لنا) في الاحتجاج لمذهب(١) الجمهور: (الإجماع على تكذيب الكافر إذا قال: الإسلام باطل) مع مطابقته لاعتقاده (وتصديقه إذا قال: هو حق) مع مخالفته لاعتقاده، فلو كان للاعتقاد أو لعدمه مدخل في تحقق الصدق والكذب لم يصح ذلك؛ إذ يكون الخبران بالعكس على قول النظام أو واسطة على قول(٢) الجاحظ.
  (و) حجة النظام (قوله تعالى:) {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ١}) [المنافقون]، فإن الله تعالى حكم عليهم حكماً مؤكداً بأنهم كاذبون في قولهم: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} مع
(قوله): «لنا الإجماع، وقوله: وحجة النظام» قال في حاشية الشلبي: التعريفات وإن كانت من قبيل التصورات ولهذا لا يجري فيها المنع كما تقرر في المعقول إلا أنها تتضمن[١] دعوى أن هذا حد لذلك الشيء أو رسم مثلا، فالتمسك الذي هو إقامة البرهان[٢] إنما هو بالنظر إلى الدعوى الضمني، فلا إشكال.
(قوله): «على تكذيب الكافر» قال في الجواهر: الإجماع على ذلك دليل قطعي على أن مرجع الصدق والكذب مطابقة الحكم للواقع فقط، وعدم مطابقته له، وبهذا يبطل مذهب الفريقين، ويضمحل ما ذكروه في إثبات مذهبهم من الدلائل الظنية.
(قوله): «فإن الله حكم عليهم حكما مؤكداً بأنهم كاذبون ... إلخ» قد أورد أن الآية لم يثبت بها إلا بعض مدعي النظام، وهو كون الكذب عدم مطابقة الاعتقاد، لا البعض الآخر، وهو كون الصدق مطابقة الاعتقاد، فأشار المؤلف # إلى تقرير الاستدلال بوجه لا يرد عليه ما ذكر حيث قال: فلو كان لمطابقة الواقع أو لعدمها مدخل ... إلخ؛ =
(١) ومما يصلح أن يحتج به للجمهور قوله تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ٤ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ٥}[الكهف].
(٢) قال العضد: الذي يحسم النزاع الإجماع ... إلى آخره. اهـ. قال صاحب جواهر التحقيق: معناه أن الإجماع على ذلك دليل قطعي ... إلخ ما في سيلان. اهـ والله أعلم.
[١] في المطبوع: أنه يتضمن. والمثبت في حاشية الشلبي.
[٢] في المطبوع: فالتمسك بالبرهان. والمثبت من حاشية الشلبي.