[فصل في الخبر المعلوم صدقه]
  ولده ولا مريض عنده سواه مع خروج النساء على هيئة منكرة وخروج الملك وراء الجنازة على نحو تلك الهيئة، فإنه يفيد العلم، وهو اختيار والدنا قدس الله روحه(١)، وقول النظام والجويني والرازي والآمدي وابن الحاجب والبيضاوي.
  وظاهر كلام الرازي حيث قال في المنتخب: «والباقون أنكروه» أن المنكرين لإفادته العلم هم الأكثر.
= وكان ينبغي من المؤلف إخراجها إذ ليست هي المرادة هنا، ولعل المؤلف # أغفل هاهنا الفرق بين القرائن المنفصلة والمتصلة اللازمة اعتماداً على ما سيأتي في شرح قوله: وفي أقله أقوال، فإنه أشار إلى القرائن المتصلة اللازمة وإلى جواز توقف المتواتر عليها، وأنه يتفاوت لأجلها حيث قال: لأنه إنما يصح إذا تساوى الخبران في القرائن العائدة إلى أخبار المخبرين ... إلخ، وصرح أيضاً باختلافه لأجلها بقوله فيما سيأتي: والصحيح اختلافه باختلاف المخبر والخبر والمخبر عنه، وتوضيح المقام أن القرائن منها ما ينفصل عن الخبر ولا يلزمه بل ينفك عنه كما ذكره المؤلف # من خبر الملك ... إلخ، ومنها ما يلزم الخبر ولا ينفك عنه، وهي أربعة أنواع؛ لأنها إما أحوال راجعة إلى نفس الخبر مثل الهيئات المقارنة له الموجبة لتحقق مضمونه، أو أحوال راجعة إلى المتكلم بالخبر مثل كونه موسوماً بالصدق مباشراً للأمر الذي أخبر به، أو أحوال راجعة إلى الواقعة التي أخبروا عن وقوعها مثل كونها قريب الوقوع فيحصل بإخبار عدد أقل أو بعيدة فتفتقر إلى أكثر، أو أحوال راجعة إلى السامع مثل فطانته وتفرسه. فحصول العلم بمعونة مثل هذه القرائن لا يقدح في التواتر؛ ولذلك يختلف باختلافها. قال في الجواهر: اختلف العلماء في إفادة المتواتر للعلم هل يجوز أن يتوقف على القرائن أم لا، فمنهم من منعه؛ لأن العلم بصدق الخبر المتواتر ضروري بنفس الخبر لا بغيره، ومنهم من جوزه، وهو المختار، وإليه ذهب النظام من المعتزلة؛ محتجين بأنه لو لم يجز لزم أن لا تكون الأخبار المتواترة متفاوتة في إفادتها للعلم، واللازم منتف؛ لأنها تتفاوت قطعاً، فتارة تتفاوت في المخبر، أي: المتكلم؛ إذ قد تخبر جماعة معينة بواقعة معينة ويفيد خبرهم السامع العلم بها، وقد تخبر جماعة أخرى بتلك الواقعة المعينة مع تساويهم في العدد ولا يفيد خبرهم للسامع العلم بها، وليس ذلك إلا لتحقق القرائن الدالة على الصدق في الجماعة الأولى وانتفائها في الجماعة الثانية، وإلا فالواقعة متحدة وعدد المخبرين متساو والسامعون متحدون، مثل ما علم أن الجماعة الأولى لا داعي لهم إلى الكذب في ذلك الخبر أو لهم صارف عنه، أو مثل كونهم محتفظين عن الكذب موسومين بالصدق. وتارة تتفاوت في المخبر عنه، أي: الواقعة التي أخبروا بها؛ إذ يفيد خبر جماعة معينة في واقعة علم السامع بها ولا يفيد خبر الجماعة المعينة في واقعة أخرى لاختصاص الواقعة الأولى بكونهم متلبسين بها، كما إذا أخبر دخاليل الملك بأحواله الباطنة. وتارة تتفاوت في المخبر بلفظ اسم المفعول، أي: السامع؛ إذ قد يخبر جماعة معينة بواقعة معينة ويفيد خبرهم العلم للسامعين المخصوصين ولا يفيد العلم للسامعين الآخرين مع اتحاد المخبرين واتحاد الواقعة، وليس ذلك إلا لفطانة السامعين وتفرسهم دون السامعين الآخرين.
(قوله): «وظاهر كلام الرازي» مبتدأ خبره قوله: أن المنكرين ... إلخ، وقوله: حيث قال بيان لعلة كون المنكرين هم الأكثر.
(١) وحاصل المذاهب فيه أربعة: الأول: أنه يفيد العلم عند انضمام القرائن فقط، وهو المختار. الثاني: أنه يفيد العلم مطلقاً على الاطراد. الثالث: أنه يفيده لا على اطراده. الرابع: أنه لا يفيده أصلاً، بل إنما يفيد الظن فقط. (سعد).