هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل في الخبر المعلوم صدقه]

صفحة 264 - الجزء 2

  والرابع مما اختلف في العلم بصدقه قوله: (ومنه) الخبر (المتلقى⁣(⁣١) بالقبول على الأصح وهو ما كانت الأمة أو العترة بين عامل به ومتأول⁣(⁣٢) له) وذلك (لتضمنه الإجماع على الصحة) أي: كون أهل الإجماع بين عامل به ومتأول له متضمن لصحة ما عملوا به وتأولوه؛ إذ لو لم يصح لما عمل به بعض وتأوله آخرون؛ لعدم الحاجة إلى تأويل الباطل⁣(⁣٣)، وهذا قول أكثر أئمتنا وأبي هاشم


(قوله): «ومنه المتلقى بالقبول على الأصح» هذا من المختلف فيه كما صرح به المؤلف # هاهنا وفيما سبق؛ فلا ينتظم حينئذ⁣[⁣١] قوله: على الأصح؛ إذ يكون المعنى من المختلف فيه على الأصح، وإنما ينتظم لو كان المراد ومنه أي: مما علم صدقه. وكذا يأتي ما ذكرنا في قوله فيما يأتي: ومنه على الأصح، والله أعلم.

(قوله): «أي: كون أهل الإجماع ... إلخ» هذا مبتدأ خبره قوله: متضمن لصحة ما عملوا به. وهذا تفسير للضمير في قوله: لتضمنه؛ ليعلم أنه عائد إلى ما دل عليه قوله: ما كانت الأمة ... إلخ وهو الكون.


(١) أقول: لا يخفى على المتأمل أن المتلقى بالقبول بالتفسير المذكور - أعني كون البعض عاملاً به والبعض متأولاً له - لا يتضمن الإجماع على الصحة، وما ذكر في بيانه من قوله: لو لم يصح لما عمل به بعض وتأوله آخرون غير مسلم؛ إذ لا مانع من تأويل ما لم يصح، وعدم الحاجة إلى التأويل كما ذكر ليس مانعاً منه. نعم، وقد فسر صاحب الفصول المتلقى بالقبول بما حكم بصحته المعصوم، أي: ما أخبر به أو عمل به كما فسره في الهامش، ولا إشكال في تضمنه الإجماع المذكور، وهذا هو المناسب لقوله: «وأما الخبر العامل به الأكثر» فإنه مقابل لما عمل به الكل فليتأمل، والله أعلم. (من خط السيد صلاح الأخفش |).

(*) قال السيد محمد بن إبراهيم الوزير في العواصم ما لفظه: أنه لا طريق إلى العلم بأن الحديث المتلقى بالقبول هو بنفسه لفظ الرسول ÷، وإنما يقطع بأنه معنى لفظه عند من يقول: إن التلقي بالقبول يوجب الصحة، وإنما قلت بذلك لأنه يجوز أن يكون الصحابي أو غيره قد روى الحديث بالمعنى، ولا وجه للقطع بارتفاع هذا الاحتمال، والله أعلم.

(*) لا يخفى أنه يرد على المتلقى بالقبول ما ورد على الإجماع من التشكيك في إمكان الوقوع وإمكان العلم، والله أعلم. (من خط السيد صفي الدين أحمد بن إسحاق قدس سره).

(٢) لا بد من زيادة قيد آخر، وهو أنه تأوله المتأول ولم يقدح فيه، أما إذا تأوله مع القدح فلا إجماع على الصحة؛ لأنا وجدنا أخباراً كثيرة تتأول مع القدح فيها، والتأويل مع قدح القادح إنما يكون منه على فرض الصحة.

(٣) لقائل أن يقول: لعل تأويل بعض أهل الإجماع له إنما كان منهم على تقدير صحته، وحينئذ لا يتضمن تأويلهم له صحة ما عمل به البعض الآخر، فلا يدل التأويل مع عمل البعض على قطعيته. (حسن مغربي).

(*) اعلم أن من قال: إن المتلقى بالقبول من الأخبار معلوم يلزمه ما ذكر من عصمة الأمة ظاهراً وباطناً، ومن قال: إنه ظني لا يلزمه ذلك. (من حاشية الفصول من باب الإجماع).


[١] لا غبار على عبارة المؤلف عادت بركاته إذا جرد النظر إلى المتن، بل هو منتظم غاية الانتظام فليتأمل في كلامه في المتن من أول الفصل. (ح).