(الباب الأول في الأخبار)
  وبعض المحدثين(١) وقاضي القضاة والغزالي، والجمهور على أنه ظني(٢).
  قالوا: لأن قبول الأمة له لا يخرجه عن الآحاد.
  قلنا: مسلم، لكن المدعى قطعيته لا خروجه عن الآحاد، ولا تنافي بين القطع والآحاد، كخبر الواحد المحفوف بالقرائن.
  (وأما الخبر العامل به الأكثر) من الصحابة وغيرهم حال كونهم (منكرين على المخالف) العامل بغيره (ففرع على الخلاف في حجية قول الأكثر) وقد تقدم(٣)، وقد ذهب عيسى بن أبان إلى أنه يفيد القطع.
  واحتج فيه بما رواه أبو سعيد الخدري وعبادة بن الصامت من خبر الصرف(٤)، وما رواه غيرهما من خبر تحريم المتعة، وقال: لما أجمع أكثر الصحابة على العمل بموجبهما وأنكروا على من خالف فيهما صار كل واحد منهما حجة متبعة، فأجمع التابعون على العمل بهما ولم يجوزوا المخالفة في ذلك.
  وما ذكره لا حجة فيه، وقوله: لما أجمع أكثر الصحابة على العمل بموجبهما وأنكروا على من خالف فيهما صار كل واحد منهما حجة متبعة احتجاج بنفس المتنازع كما لا يخفى، وإجماع التابعين لا حجة فيه؛ لجواز إجماع أهل العصر الثاني
(قوله): «المدعى قطعيته» أي: المدعى هو القطعية، أي: كونه قطعياً لا كونه متواتراً.
(قوله): «وإجماع التابعين لا حجة فيه لجواز إجماع أهل العصر الثاني ... إلخ» يعني أن إجماع التابعين على قول الأكثر من الصحابة كإجماع أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول، وهو لا يدل على أن أحد قولي العصر الأول حجة[١]، فكذا فيما نحن فيه، غاية الأمر أن أحد قولي الصحابة فيما نحن فيه قول الأكثر منهم.
(١) ابن الصلاح وغيره، فإنهم حكموا بأن حديث البخاري ومسلم معلوم لتلقيهما بالقبول. (شرح فصول).
(٢) وقال أبو طالب: إنه قطعي في ابتداء الحكم لا في نسخه للمعلوم. (شرح فصول).
(٣) في مسألة من يعتبر في الإجماع كالتابعي مع الصحابة هل يعتبر، كقول ابن الحاجب: لا يعتبر لندوره، والمختار اعتباره كما تقدم.
(٤) وهو ما أخرجه أبو داود أن الرسول ÷ قال: «الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة بالفضة تبرها وعينها، والبر بالبر مد بمد، والشعير بالشعير مد بمد، والتمر بالتمر مد بمد، والملح بالملح مد بمد، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، ولا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضةُ أكثرهما يداً بيد، وأما نسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعيرُ أكثرهما يداً بيداً، وأما نسيئة فلا.
[١] الظاهر من المعلوم صدقه. (حسن عن خط السياغي).