(الباب الأول في الأخبار)
  ومنسوخاً وعاماً وخاصاً ومحكماً ومتشابهاً وحفظاً ووهماً، وقد كذب على رسول الله ÷ على عهده(١) حتى قام خطيباً فقال: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار»، وإنما أتاك بالحديث أربعة(٢) رجال ليس لهم خامس: رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج يكذب على رسول الله ÷ متعمداً، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوه منه ولم يصدقوا قوله، ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله ÷ رآه وسمع منه فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك، ثم بقوا بعده # فتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والبهتان فولوهم الأعمال وجعلوهم على رقاب الناس، فأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله(٣). ورجل سمع من رسول الله ÷ شيئاً لم يحفظه على وجهه فوهم فيه ولم يتعمد كذباً، فهو في يديه يرويه ويعمل به ويقول: أنا سمعته من رسول الله ÷، فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم هو أنه كذلك لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله ÷ المنسوخ ولم يسمع الناسخ فلو علم أن ما سمعه
(١) وذلك نحو ما روي أن رجلاً سرق رداء النبي ÷ وخرج إلى قوم وقال: هذا رداء محمد أعطاني لتمكنوني من تلك المرأة، فاستنكروا ذلك، فبعثوا من سأل الرسول ÷ عن ذلك فقام الرجل الكاذب فشرب ماء فلدغته حية فمات، وكان النبي ÷ حين سمع بتلك الحال قال لعلي: «خذ السيف وانطلق فإن وجدته وقد كفيت أمره فأحرقه بالنار»، فجاء وأمر بإحراقه. (من شرح ميثم على النهج). [أورد قريباً منها في مسند الروياني (١/ ٧٥)، البدر المنير (٩/ ٢٠٧)].
(٢) وجه الحصر في الأقسام الأربعة أن الناقلين للحديث عنه ÷ المتسمين بالإسلام إما منافق أو لا، والثاني إما أن يكون قد وهم فيه أو لا. والثاني إما أن لا يكون قد عرف ما يتعلق به من شرائط الرواية أو يكون. فالأول وهو المنافق ينقل كما أراد سواء كان أصل الحديث كذباً أو أن له أصلاً حرفه وزاد فيه ونقص بحسب هواه، فهو ضال مضل تعمداً وقصداً، والثاني يرويه كما فهم ووهم فهو ضال مضل سهواً، والثالث يرويه كما سمع فضلاله أو إضلاله عرضي، والرابع يؤديه كما سمعه وكما هو فهو هاد مهد. (من شرح ميثم أيضاً).
(٣) ففي هذا دلالة على أن الصحابة كغيرهم لا كما يدعيه صاحب الفصول في روايته عن أئمتنا $.