هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 320 - الجزء 2

  الملكة: الهيئة الراسخة، والكلام في الكبائر منتشر يؤخذ من مظانه، وقد ضبطت الكبيرة بما توعد عليه الشارع⁣(⁣١) بخصوصه أو وصَفَه بالعظم.

  وأما الرذائل فمشار بها إلى المحافظة على المروءة، وهي أن يسير سيرة أمثاله في زمانه ومكانه⁣(⁣٢)، فيشمل صغائر الخسة.


(قوله): «بخصوصه» يعني لا بدخوله في العموم، نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}⁣[النساء: ١٤]، ونحو ذلك.

(قوله): «فمشار بها إلى المحافظة على المروءة» لم يذكر المؤلف # التفسيق بترك المروءة لئلا يرد عليه أن تارك المروءة ليس بفاسق كما أورده السعد على قوله في شرح المختصر: وقولنا: على ملازمة التقوى والمروءة ليخرج الفاسق، وإن كان قد أجاب عنه في الجواهر بجواب لا يحتمله المقام.

(قوله): «صغائر الخسة» المراد بها ما يدل على خسة النفس ودناءة الهمة، كسرقة لقمة والتطفيف يحبه في الوزن قلت: ولم يتعرض المؤلف # لترك بعض المباح، وقد ذكره في شرح المختصر، وهو ما يدل على خسة النفس ودناءة الهمة، كاللعب بالحمام والاجتماع مع الأراذل، والحرف الدنية كالحجامة والدباغة والحياكة ممن لا يليق به ذلك من غير ضرورة تحمله على ذلك؛ لأن مرتكبها لا يجتنب الكذب غالباً، ذكره في شرح المختصر. وأما الإصرار على الصغائر فقد أدخله # في الكبائر، وظاهر شرح المختصر⁣[⁣١] أنه ليس منها، وهو المصرح به في القلائد؛ لأنه قال: الإصرار على الصغيرة ليس بكبيرة. وكأن المؤلف بنى على ما ذكره أبو القاسم من أنه كبيرة، وهذا الخلاف كما ذكره الإمام المهدي # في الغايات إنما هو مقدر مفروض لا محقق معلوم؛ لأن الصغائر لا يجوز أن تعلم بأعيانها، وإذا لم تعلم فكيف يعلم حكم الإصرار عليها؟


(١) في الكتاب والسنة. (شرح).

(٢) قال الغزالي: إلا أن يكون ممن يقصد كسر النفس وإلزامها التواضع، كما يفعله كثير من العباد. (من شرح الجمع لأبي زرعة).


[١] لفظ القلائد وشرحها: مسألة: قال أكثر المعتزلة: الإصرار على الصغيرة وهو أن لا يتوب منها مع العلم بها كما فسره أبو علي⁣[⁣٠]، أو العزم على معاودتها كما تقتضيه أصول المؤيد بالله ليس بكبيرة مقطوع بكبره، وإنما هو محتمل كسائر المحتملات، خلاف أبي القاسم البلخي، فإنه قال: كل إصرار كبيرة. قلنا: لا طريق إلى العلم بحصول الكبر أو الصغر في شيء من المعاصي إلا السمع على ما تقدم، ولم يدل دليل قاطع من السمع على كون الإصرار كبيرة، فبقي على [٠٠] الاحتمال اهـ ولعل مولانا الحسين بن القاسم بنى كلامه في هذا الكتاب على ما حكاه والده المنصور بالله عن جهابذة أهل البيت $ ورجحه بالدلائل الواضحة من كون كل عمد كبيرة؛ ضرورة أن الإصرار على المعصية عند هؤلاء الجهابذة كبيرة؛ لأنه عمد، فلا غبار عليه، والإشارة بقوله: لنص العلماء إلى هؤلاء الجهابذة، وهم الناصر والقاسم بن علي وغيرهما، والله أعلم. (ح).

[٠] في المطبوع: كما فسره #. والمثبت من شرح القلائد.

[٠٠] - في المطبوع: فبقي الاحتمال. والمثبت من شرح القلائد.