هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]

صفحة 335 - الجزء 2

[مسألة في حكم قبول رواية كافر التصريح وفاسقه وكافر التأويل وفاسقه]

  مسألة: رواية كافر التصريح لا تقبل اتفاقاً، ومن قبل شهادة بعضهم على بعض مطلقاً أو مع اتحاد الملة أو على المسلمين مع الضرورة لا يقبل روايتهم، وكذلك فاسق التصريح غير مقبول بالاتفاق (وقد اختلف في) قبول رواية (المتأول) أي: كافر التأويل وهو من أتى من أهل القبلة بما يوجب الكفر غير متعمد كالمشبِّه⁣(⁣١)، وفاسق التأويل، وهو من أتى من أهل القبلة بما يوجب الفسق غير متعمد كالبغاة (فقيل: يقبل) كافر التأويل وفاسقه في روايته وشهادته بشرط أن يكون في مذهبه (محرِّم الكذب) لا كالخطابية⁣(⁣٢) والرافضة وبعض السالمية⁣(⁣٣)،


(قوله): «ومن قبل شهادة بعضهم على بعض مطلقاً» قال في حواشي الفصول: وهم الحسن البصري والبتي وأبو حنيفة وأصحابه.

(قوله): «مطلقاً» أي: اتحدت الملة أو اختلفت؛ لأن الكفر ملة واحدة.

(قوله): «أو مع اتحاد الملة» كما هو المذهب.

(قوله): «مع الضرورة» لعله يشير إلى ما في شرح الآيات للنجري في قوله تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}⁣[المائدة: ١٠٦]، من أن المنصور بالله # وابن أبي ليلى والأوزاعي وشريح⁣[⁣١] ذكروا أنه غير منسوخ، فيشهد الذميان على وصية المسلم في السفر فقط فكأنه للضرورة في حالة السفر إلى شهادتهم حيث لم يوجد غيرهم.

(قوله): «لا يقبل روايتهم» قال في شرح المختصر: وذلك لأن شهادتهم قبلت للضرورة؛ صيانة للحقوق؛ إذ أكثر معاملاتهم فيما لا يحضره مسلمان.

(قوله): «بما يوجب الكفر»، و (قوله): «بما يوجب الفسق» اعترض في القسطاس هذين الحدين بأنهما دور وقد يقال: لا دور إذ الكفر والفسق في الحدين هما التصريح وهو غير المحدود.

(قوله): «والخطابية» هم فرقة من غلاة الروافض ينسبون إلى أبي الخطاب محمد بن وهب، كان يقول: علي كرم الله وجهه الإله الأكبر، وأخوه جعفر الإله الأصغر، وكان من مذهبه أن من ادعى شيئاً ووقع في قلب السامع صدقه جاز له أن يشهد له⁣[⁣٢]، ذكره في حواشي الفصول وشرحه.


(١) أي: كنحوه من أهل البدع الواضحة المستلزمة للكفر، والمراد بالواضحة هي التي لا يكون معها شبهة قوية يعذر بها صاحبها، وغير الواضحة ما استندت إلى شبهة قوية.

(٢) في ترجيح الأبصار وكذا في شرح المقدمة أنهم فرقة من الخوارج، والذي في سيلان هو ما في شرح الوقاية للحنفية.

(٣) لتحليلهم أن يشهد بعضهم لبعض كذباً فلا تقبل روايته البتة؛ لأن صدقة غير مظنون. (معيار وقسطاس).


[١] في المطبوع: سريح. والمثبت من شرح الآيات.

[٢] ومن مذهبه أن المدعي إذا حلف عنده أنه محق⁣[⁣٠] في دعواه جاز للناس أن يشهدوا له، ويقول: المسلم لا يحلف كاذباً.

[٠] في المطبوع: محقاً في دعواه. والمثبت من حواشي الفصول.