هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 349 - الجزء 2

  (وقيل:) هو (من رآه) ÷، أي: مسلم رأى النبي ÷ على أن العائد ضمير الفاعل، أو مسلم رآه النبي ÷ على أن العائد ضمير المفعول، ولأجل ما ذكرناه عبر بعض المصنفين لهذا القول بلفظ الاجتماع⁣(⁣١) وبعضهم بلفظ اللقاء، وهذا قول أهل الحديث وبعض الفقهاء؛ وذلك (لقبولها) أي: الصحبة (التقييد بالطول والقصر) يقال: صحبة هذا طويلة وصحبة هذا قصيرة، وفلان صحب فلاناً كثيراً وفلاناً قليلاً من غير تكرار ولا نقض⁣(⁣٢)، فكانت للقدر المشترك؛ دفعاً للمجاز والاشتراك.

  (قلنا:) اتباع (العرف) اللغوي أولى، وقد بيناه، وما ذكروه من قبولها التقييد بالطول والقصر غير مفيد؛ لما عرفت من أن الصحبة يتبادر من إطلاقها طول الملازمة.


(قوله): «على أن العائد إلى الموصول ضمير الفاعل» فالمسلم هو الرآي للنبي ÷؛ ولهذا قال السعد⁣[⁣١]: أي صحبه⁣[⁣٢] ولو أعمى.

(قوله): «ضمير المفعول» فالنبي ÷ هو الرائي.

(قوله): «ولأجل ما ذكرنا» يعني من احتمال المعنى الأول (عبر بعض المصنفين ... إلخ) هو صاحب الجمع، فإنه عدل عن قول ابن الحاجب: من رآه إلى قوله: من اجتمع به مؤمناً، لكن ذكر في شرح الجمع أن وجه عدوله كون حد ابن الحاجب يخرج عنه ما اجتمع به من العميان كابن أم مكتوم، ولم يتعرض المؤلف # لما ذكره في شرح الجمع، وأما السعد فقد حمل من رآه على من صحبه، وفيه خفاء.


(١) المعبر بذلك السبكي في الجمع، قال فيه: من اجتمع مؤمناً بمحمد ÷، قال المحلي: وعدل عن قول ابن الحاجب وغيره: من رأى النبي؛ ليشمل الأعمى من أول الصحبة كابن أم مكتوم وغيره.

(٢) قال العلوي: قال الشارح - يريد العضد -: من غير تكرار ولا نقض، يعني أنها تقيد بالقلة أو الكثرة فيقال: صحبه قليلاً أو كثيراً، ولا يلزم التكرار ولا التناقض، ولو كان موضوعاً لأحدهما لزم ذلك. وتقريره: أنه يقال: صحبه قليلاً، وحينئذ إما أن تكون الصحبة موضوعة للقلة أو الكثرة؛ فعلى الأول يلزم التكرار، وعلى الثاني يلزم التناقض، وكذا لو كانت موضوعة للكثرة وقيدت بأحدهما لزم مثل ذلك. وأورد عليه أنه إثبات للغة بالقياس. وأجيب بأنه ليس إثباتاً للغة بالقياس، بل هو ترجيح أحد محتملات اللفظ وتعيينه وهو التواطؤ على غيره وهو الاشتراك والمجاز العقلي. اهـ بتصرف واختصار.


[١] عبارة السعد: أي مسلم رأى النبي ÷، بمعنى صحبه ولو أعمى. (سعد).

[٢] إشارة إلى دفع ما أورده من النقض، وهو أن الأعمى إذا لازمه مدة عمره وروى عنه كثيراً يلزم منه أن لا يسمى صحابياً؛ لكونه لم يره، وهو باطل بالاتفاق. (علوي ح).