هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 350 - الجزء 2

  ولسنا نريد أن يتبادر على جهة النصوصية، بل على جهة الظهور، فالتقييد بالطول لرفع الاحتمال، وبالقصر للدلالة على كونها مصروفة عن الظاهر، فلا يلزم تكرار ولا نقضٌ.

  هذا تحقيق الخلاف في معنى لفظ الصحابي⁣(⁣١)، والحق فيه ما أفاده الإمام الناطق بالحق أبو طالب # حيث يقول: واعلم أنه ليس ببعيد عندي أن يقال: إن العرف وإن كان يفيد في هذا الاسم الذي هو قولنا: فلان من أصحاب فلان طول الصحبة على العموم فقد حصل فيمن يضاف إلى النبي ÷ ويوصف بأنه من أصحابه عرف ثان خاص من جهة العلماء بالحديث؛ لأنهم قد تعارفوا فيما بينهم استعمال هذا الاسم في كل من لقي النبي ÷ وروى عنه وإن قلَّت صحبته، وهذا يقتضي أن لا يُمنع حمله على التعارف المستأنَف الذي تعارف به أهل الحديث. انتهى كلامه.

  قلت: وإذا كانت ثمرة الصحبة المتابعة في الأقوال والأفعال فلا شك أنه يتحصل بمجرد الاجتماع به ÷ من الألطاف القائدة لصاحبها إلى الخير الأبدي ما لا يتحصل بالاجتماع الطويل بسائر الفضلاء؛ ولذلك كان من بعث فيهم خير القرون.


(قوله): «ما لا يتحصل بالاجتماع الطويل» فلا يكفي في التابعي مجرد اجتماعه بالصحابي في كونه صاحبه ولا يقال يكفي كالصحابي لأنه يقال: الاجتماع بالنبي ÷ يؤثر من النور القلبي أضعاف ما يؤثره الاجتماع الطويل بالصحابي وغيره من الأخيار، فالأعرابي الجلف بمجرد اجتماعه به ÷ مؤمن ينطق بالحكمة ببركة طلعته ÷، ذكر معناه في شرح الجمع.


(١) فائدة: جملة طبقاتهم - أي: الصحابة ¤ - على ما ذكره الحاكم اثنتا عشرة طبقة: الأولى من تقدم إسلامه، الثانية: أصحاب دار الندوة، الثالثة: مهاجرة الحبشة، الرابعة: من بايعه ليلة العقبة، الخامسة: أصحاب العقبة الثانية، السادسة: أول المهاجرين الذين لحقوا رسول الله ÷ قبل أن يدخل المدينة، السابعة: أهل بدر، الثامنة: المهاجرة بين بدر والحديبية، التاسعة: أهل بيعة الرضوان، العاشرة: المهاجرة بين الحديبية والفتح، الحادية عشرة: مسلمة الفتح، الثانية عشرة: الصبيان والأطفال الذين رأوا النبي ÷، ويدخل فيها من ميز ومن لم يميز. وجملة من مات النبي ÷ عنهم مائة ألف وأربعة عشر ألفاً كما نقله ابن الصلاح عن أبي زرعة الرازي. (من شرح بهجة العامري). ومثله في كتاب ابن الصلاح نقلاً عن الحاكم في تعداد طبقاتهم.