هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 355 - الجزء 2

  (واشترطه أبو علي) الجبائي، فلا بد أن يروي - على مذهبه - عدلان عن عدلين حتى ينتهي إلى رسول الله ÷، وحكى عنه قاضي القضاة في الشرح أنه لا يقبل في الزنا إلا خبر أربعة⁣(⁣١) كالشهادة عليه، وذلك⁣(⁣٢) كله (إن لم يوافق) ما رواه الواحد العدل (ظاهراً) من كتاب أو سنة متواترة (أو) لم (يعمل به بعض الصحابة أو) لم (ينتشر فيهم) من غير إنكار، أما إذا حصل أحد هذه الأشياء فإنه موافق في قبول خبر الواحد.

  وحجته: ما روي أن أبا بكر لم يعمل بخبر المغيرة بن شعبة بأن النبي ÷ أعطى الجدة السدس حتى أخبره محمد بن مسلمة بذلك، وعمر لم يعمل بخبر أبي موسى في الاستئذان⁣(⁣٣) حتى شهد معه أبو سعيد، ولم يقبلا في خلافتهما خبر عثمان بن عفان فيما أخبر به من إذن رسول الله ÷ في رد الحكم⁣(⁣٤) بن أبي العاصي طريد رسول الله ÷ إلى المدينة، والجواب ما تقدم⁣(⁣٥).


(قوله): «أنه لا يقبل في الزنا» أي: في الأخبار المتعلقة بالزنا⁣[⁣١].

(قوله): «والجواب ما تقدم» من أنهم إنما أنكروا لقصوره عن إفادة الظن.


(١) قال القاضي عبدالله: ويقرب أن يكون ذلك عندنا؛ إذ الحدود يغلظ في طريق إثباتها ويتوصل إلى درئها. (شرح فصول). نحو أن يروى عنه ÷: «اللائط زانٍ، وناكح البهيمة زان». (قسطاس).

(٢) يعني اشتراط أبي علي للعدد، وهذا الذي نقله المصنف هو الصواب، وهو الذي حكاه عنه أبو الحسين في المعتمد، وبه يعلم غلط من نقل عنه اعتبار العدد مطلقاً كالإمام في البرهان. (زركشي مع تغيير يسير).

(٣) وذلك أن أبا موسى الأشعري أتى منزل عمر فاستقام خارج عتبة الباب فقال: السلام عليكم أأدخل؟ كرره ثلاث مرات، فاستنكر عمر فعله فقال: إنه من السنة، فلم يقبل خبره حتى أتى بشاهد. (منهاج).

(٤) وليس طلب الصحابة للزيادة يدل على أن الواحد غير مقبول مع اتباعهم للواحد في بعض الأحوال، وإنما يدل ذلك على الاحتياط أو على دخول تهمة أو على تعلق بعض الحقوق المعينة؛ ولهذا قال عمر لأبي موسى: إني لم أرد خبرك اتهاماً لك، وإنما أردت أن لا يتسارع الناس إلى الإخبار عن النبي ÷، فأومأ إلى أنه قصد ضرباً من الاحتياط، والأمر في ذلك ظاهر. (من تحرير أدلة الأصول للقاضي عبدالله العنسي ¦).

(٥) في مسألة التعبد بخبر الواحد.


[١] في شرح الجوهرة للدواري: يعني في كون المعصية زنا، نحو أن يروي الواحد عن النبي ÷ أن اللائط زان ... إلخ.