هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 356 - الجزء 2

  وقوله: (أو فقه إن خالف القياس) عطف على حرية أيضاً⁣(⁣١)، يعني لا يشترط في الراوي أن يكون فقيهاً سواء وافق خبره القياس أو خالفه (خلافاً لأبي حنيفة) فإنه اشترط في المخبر بخلاف القياس أن يكون فقيهاً.

  ووجهه: أن النقل بالمعنى كان مستفيضاً في الصحابة، فإذا قصر فقه الراوي لم يؤمن أن يفوته شيء من المعاني فتدخله شبهة زائدة يخلو عنها القياس، وذلك مثل حديث المصراة⁣(⁣٢).

  قالوا: وأما المعروفون بالفقه والاجتهاد كالخلفاء والعبادلة⁣(⁣٣) وزيد ومعاذ وأبي موسى الأشعري وعائشة وغيرهم فإن حديثهم مقبول وافق القياس أو خالفه، ومثلوا لغير الفقيه بأبي هريرة وأنس.

  وحجة الجمهور ما أخرج أحمد بن حنبل في مسنده وابن ماجه عن أنس عنه ÷ أنه قال: «نضر الله⁣(⁣٤) عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني، فرب


(قوله): «ووجهه أن النقل بالمعنى ... إلخ» جعل المؤلف # الاستدلال مبنياً على جواز نقل الحديث بالمعنى ليتم بيان خطأ الراوي في مخالفته القياس، فإن الراوي إذا كان غير فقيه وروى بالمعنى ربما فاته شيء من المعاني فيحصل بذلك مخالفة القياس خطأ منه. ولم يذكر في شرح الفصول هذا البناء، بل استدل بأمرين: أحدهما: أنه يشتبه على غير الفقيه، فربما يحمل ما هو للعهد على الاستغراق في المعرف بلام العهد، ثم أجاب بأن التمييز بينهما لا يتوقف على الفقه، بل كل من له فطنة سليمة أمكنه التفرقة بين الأمرين.

(قوله): «نضر الله» بالمعجمة، ويروى بالتشديد والتخفيف⁣[⁣١].


(١) أو على عدد، الوجه الثاني من وجهي العطف.

(٢) وهو قوله ÷: «لا تصرى الإبل والغنم، فمن اتباعها بعد ذلك فهو مخير أحد النظرين بعد أن يحلبها ثلاثاً، فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر» فإنه مخالف لما أجمع عليه من ضمان التالف بمثله إن كان مثلياً أو قيمته إن كان قيمياً. (شرح ابن حابس |).

(٣) في كتاب ابن الصلاح ما لفظه: روينا عن أحمد بن حنبل أنه قيل له: من العبادلة؟ فقال: عبدالله بن عباس وعبدالله بن عمر وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمرو. قيل له: فابن مسعود قال: لا ليس عبدالله بن مسعود من العبادلة. قال الحافظ أحمد البيهقي فيما رويناه عنه وقرأته بخطه: وهذا لأن ابن مسعود تقدم موته، وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم، فإذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة، أو هذا فعلهم.

(٤) قال في النهاية: أي نعمه، ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة، وهي في الأصل حسن الوجه والبريق، وإنما أراد: حسن خلقه وقدره. (من شرح السيوطي على سنن ابن ماجه باللفظ).


[١] قال الخطابي: والتخفيف أجود، ويقال: أنضره، والمعنى واحد.