هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 364 - الجزء 2

  فقطع بكون الأول حجة، وشرط في الثاني أن لا يكون للاجتهاد فيه مسرح؛ لتجويز أن يرى الوجوب بطريق الاجتهاد⁣(⁣١).

  والجمهور⁣(⁣٢) على أنه حجة مطلقاً؛ لأن الظاهر فيمن تابع أميراً وقال: أمرنا بكذا أن الآمر هو المتبوع⁣(⁣٣)، ولأن الصحابي بصدد بيان الشرع وتعليمه، فتعين بحسب الظاهر أن الآمر من يصدر عنه الشرع، وهو⁣(⁣٤) الرسول ÷، وكلام الإمام يحيى # في المعيار موافق للجمهور، وقد نقل عنه صاحب الفصول تفصيلاً فينظر في تصحيحه⁣(⁣٥).

  المرتبة الخامسة قوله: (ثم من السنة) كذا، والأكثر على أنها سنة الرسول ÷، وأنه مرفوع؛ لأنه المتبادر عند الإطلاق، وقد نقل عن سالم التابعي أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة عن الصحابة أنهم إذا أطلقوا السنة لا يريدون بها إلا


(قوله): «مطلقاً» يعني من غير تخصيص لفظ دون لفظ.

(قوله): «وقد نقل عنه صاحب الفصول تفصيلاً» حاصله أنه إن كان بعد وفاته ÷ قبل إن كان الراوي من أكابر الصحابة، وإن كان من غيرهم فمحتمل، وإن كان في حياته ÷ فهو الآمر.

(قوله): «عن سالم» بن عبدالله بن عمر بن الخطاب.

(قوله): «أحد الفقهاء السبعة» قد سبق تعدادهم في بيت من الشعر.


(١) ورد بأن قول الصحابي: أوجب علينا يفيد أن هناك من صدر عنه الإيجاب غير الموجب عليه، هكذا ذكره القاضي فخر الدين، وعندي أن فيه نظراً؛ لأن المجتهد بعد أن يجتهد ويظن الحادثة قد أوجب الله عليه ذلك، فقد صدر الإيجاب من الله، فلو أجيب بأنه احتمال بعيد فلا يدفع الظهور لكان أقيس، والله أعلم. (شرح فصول).

(٢) أهل الحديث وقاضي القضاة. اهـ وأبو عبدالله البصري والشيخ الحسن وحفيده والمنصور بالله في أمرنا.

(٣) قال بعضهم: ومنه قول أمير المؤمنين كرم الله وجهه: «أمرت أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين». (شرح فصول).

(٤) ولأن الصحابة أجمعت على الاحتجاج بذلك، فلولا أنه مضاف إلى النبي ÷ لما أجمعوا على ذلك، وإنما قلنا: إن الصحابة أجمعت على الاحتجاج بذلك لأن من عرف الأخبار وبحث عن السير والآثار علم أن الصحابة كانت تورد ذلك مورد الاحتجاج والقطع للخصوم على وجه لا يسوغون اطراحه وترك العمل به، ولا يوردونه مورد الحكاية التي لا يتعلق بها الانقياد والامتثال، وهذا ظاهر من عادتهم معروف فيما بينهم. (من تحرير العنسي |).

(٥) هذا التفصيل مذكور في الحاوي، وقد نسب إليه في حاشية على الفصول.