هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 366 - الجزء 2

  يفعلون، فحمل الأول على تقريره ÷ والثاني على الإجماع⁣(⁣١).

  قال: وإنما قلنا ذلك لأن الخبر إذا لم يقصد به فعل من يكون فعله حجة فإنه يجري مجرى الحكاية التي لا يتعلق بها حكم مستفاد منه، والمعلوم من حال الراوي أنه إنما يذكر ذلك ليفيد الغير ما يقتضيه من الحكم.

  (قيل: يحتمل خلافهما) لجواز أن لا يكون في زمانه ÷ أو كان ولم يعلم به فلا حجة فيه⁣(⁣٢)، وهو خلاف الظاهر؛ إذ الصحابي العدل الذي هو بصدد تعليم الشرائع يبعد أن يقول ذلك ولم يكن حجة.

  فإن قال الصحابي: كنا نفعل في عهده أو كانوا يفعلون في عهده فهو أقوى من الإطلاق؛ لسقوط الاحتمال الأول.

  وكلام البيضاوي والسبكي يقضي بأنه لا يكون حجة إلا مع التقييد بعهد


(قوله): «وإنما قلنا ذلك» قد يتوهم أنه تعليل للفرق المذكور، وليس كذلك؛ إذ لا يظهر له أثر في ذلك الفرق، بل الظاهر أنه علة لما يقضي به الكلام السابق؛ إذ مقتضاه أنه حجة إما للإجماع كما في كانوا أو للتقرير كما في كنا.

(قوله): «فعل من يكون فعله حجة» إما النبي ÷ أو أهل الإجماع.

(قوله): «إنما يذكر ذلك» أي: كنا أو كانوا.

(قوله): «ليفيد ما يقتضيه من الحكم» يعني لا مجرد الحكاية، وإذا كان كذلك حمل على فعل من يكون فعله حجة.

(قوله): «يحتمل خلافهما» أي: خلاف فعله في زمنه وعلمه.

(قوله): «يبعد أن يقول ذلك ولم يكن حجة» أي: لم يكن قول الصحابي حكاية لما هو حجة، بأن يظهر فعله في زمانه ويعلم به.

(قوله): «لسقوط الاحتمال الأول» وهو جواز أن لا يكون في زمانه ÷.


(١) وفي تحرير العنسي ¦ ما لفظه: فإن ذلك - أي قول الصحابي: كانوا يفعلون كذا ولا يفعلون كذا - يقتضي أنه كان يفعله جماعة إما أن يكون إجماعهم حجة وليس إلا جماعة الأمة، أو يفعلونه بحضرة من تقريره وأمره حجة وليس إلا النبي ÷، فيجب أنه يحمل على أحد المعنيين من غير تعيين؛ لأن الصحابة كانت تورد ذلك مورد الاحتجاج، وهي لا تحتج إلا بحجة؛ لما ثبت من أن إجماعهم حجة يجب اتباعها.

(٢) ولأنه قد يقال مثل ذلك لما يعتاده أكثر المسلمين والعلماء، بل الجماعة منهم، سيما من له منصب الاقتداء، فلا حجة. (قسطاس).