هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 367 - الجزء 2

  الرسول ÷، وجزم به ابن الصلاح⁣(⁣١) وقال: إنه لا خلاف فيما إذا قال: كنا نفعل ولم يصفه⁣(⁣٢) بعهد النبي ÷ في أنه موقوف. وفي دعوى الإجماع⁣(⁣٣) نظر، فإن مقتضى كلام أبي طالب والرازي والآمدي ورواية الفصول عن الجمهور الرفع من دون ذكر عهده ÷، وبه صرح أبو عبدالله الحاكم، وحكاه النووي عن كثير من الفقهاء، وقال: إنه قوي من حيث المعنى.

  والوجه في كون هذه المرتبة أضعف مما قبلها قوة الاحتمال فيها.

  وقوله: (والكل خلاف الظاهر) راجع إلى جميع ما ذكره المانعون لحجية ما عدا المرتبة الأولى من الاحتمالات.

  واعلم أنه إذا ذكر الصحابي حكماً فإن كانت طريق الاجتهاد عليه ظاهرة⁣(⁣٤) فلا


(قوله): «وفي دعوى الإجماع» أي: من ابن الصلاح حيث قال: لا خلاف.

(قوله): «واعلم أنه إذا ذكر الصحابي حكماً فإن كانت طريق الاجتهاد عليه ظاهرة» يعني ظاهرة من لفظ الصحابي؛ بأن لا يذكر الحكم على جهة الإطلاق والجزم، بل يذكره بلفظ يشعر بالاجتهاد، كأن يقول: الأولى كذا، أو الرأي كذا أو نحو ذلك من الصيغ الظاهرة في أن الحكم عن اجتهاد. وقد يتوهم أن المراد بما يكون طريق الاجتهاد عليه ظاهرة أن يكون مما للاجتهاد فيه مسرح، فاعترض على قول المؤلف #: فلا خلاف في أنه محمول على الاجتهاد بأنه سيأتي نقل الخلاف، وهو مدفوع بما ذكرنا في بيان مراد المؤلف #، والله أعلم.


(١) لفظ ابن الصلاح: تفريعات أحدها: قول الصحابي: كنا نفعل أو كنا نقول كذا إن لم يضفه إلى زمان رسول الله ÷ فهو من قبيل الموقوف، وإن أضافه إلى زمان رسول الله ÷ فالذي قطع به أبو عبدالله بن البيع الحافظ وغيره من أهل الحديث وغيرهم أن ذلك من قبيل المرفوع. وبلغني عن أبي بكر البرقاني أنه سأل أبا بكر الإسماعيلي الإمام عن ذلك فأنكر كونه من المرفوع، والأول هو الذي عليه الاعتماد؛ لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله ÷ اطلع على ذلك وقررهم عليه، وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة. اهـ ذكره في أوائل كتابه في النوع الثامن في معرفة المقطوع.

(٢) في نسخة: ولم يضفه.

(٣) من ابن الصلاح.

(*) الذي يوافق ما سيأتي للمؤلف عادت بركاته في تعارض الخاص والعام أن قول الصحابي: كنا نفعل ظاهر في الإجماع، فهو موافق لمقتضى كلام البيضاوي والسبكي وجزم ابن الصلاح هنا فتأمل.

(٤) قلت: وذلك بأن لا يورد الحكم على جهة الجزم به، بل يقول فيه الذي يترجح كذا والرأي كذا أو عندي أو نحو ذلك.