هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

(الباب الأول في الأخبار)

صفحة 369 - الجزء 2

  (وقيل:) يحمل على التوقيف (إن لم يكن) الصحابي (من أهل الاجتهاد) وهذا قول الشيخ أبي الحسن الكرخي، وحمل على هذا الأصل ما روي عن أنس بن مالك أنه قال في الحيض: إنه ثبت ثلاث أربع خمس ست سبع ثمان تسع عشر، قال: فدل ذلك على أنه عرف⁣(⁣١) من جهة التوقيف أن أقله ثلاث وأكثره عشر؛ لأنه لم يكن من أهل الاجتهاد فيحمل على أنه قال ذلك من طريقه.

  قال: ولا يلزم على هذا ما روي عن عطاء أنه قال في أقل الحيض: إنه يوم وليلة على ما يذهب إليه الشافعي؛ لأن عطاء كان من أهل الاجتهاد.

  (والصحيح) الذي عليه أئمتنا والقاضي عبدالجبار وأبو الحسين البصري أنه (إن لم يكن للاجتهاد فيها مسرح بوجه⁣(⁣٢)) من الوجوه (فتوقيف⁣(⁣٣)) محمول على نص سمعه، وذلك نحو أن يقول: من فعل كذا فله كذا ثواباً أو عليه كذا عقاباً⁣(⁣٤)، كما روي عن ابن مسعود أنه قال: ذو اللسانين في الدنيا له لسانان من نار يوم القيامة، أخرجه ابن عساكر.


(قوله): «وقيل: إن لم يكن من أهل الاجتهاد» قال في شرح الجوهرة: ولا بد مع ذلك من أن تكون المسألة اجتهادية. ومثله في المنهاج. فيكون الفرق بين هذا وما ذكره أئمتنا فيما إذا كانت المسألة اجتهادية والقائل غير مجتهد، فالكرخي يحمل قول الصحابي على التوقيف، وأئمتنا يحملونه على الاجتهاد ممن قلده.

(قوله): «فيحمل» منصوب بفاء السببية، أي: حتى يحمل.

(قوله): «من طريقه» أي: الاجتهاد.

(قوله): «قال» أي: الكرخي (ولا يلزم) أي: لا يرد ما روي عن عطاء إشكالاً.

(قوله): «لأن عطاء ... إلخ» يقال: عطاء⁣[⁣١] من التابعين وليس من الصحابة.


(١) أي: أنس.

(٢) واعلم أنه لا فرق بين هذا القول وقول الكرخي إلا حيث المسألة اجتهادية والقائل غير مجتهد، فهو يحمل قوله حينئذ على التوقيف، وأهل هذا القول على الاجتهاد أيضاً إما من إمام له أو منه إن قلنا بتجزؤ الاجتهاد. (قسطاس معنى).

(٣) يعني أنه لا يعرف إلا بإيقاف الشارع.

(٤) ونحو ما رواه الأمير الحسين في الشفاء عن علي # أن الحيض ينقطع عن الحبلى لأنه جعل رزقاً للجنين. (قسطاس).


[١] (قوله): «يقال عطاء ... إلخ» لا مناقشة في المثال (حسن بن يحيى).