هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]

صفحة 370 - الجزء 2

  (وإلا) يكن كذلك بل أمكن حمله على الاجتهاد كالمقادير⁣(⁣١) والحدود والأبدال⁣(⁣٢) (فالظاهر الاجتهاد)، أما إن كان الصحابي القائل من أهل الاجتهاد فالوجه ظاهر.

  وأما إن لم يكن من أهله فغير ممتنع أن يكون قد أخذه عن بعض المجتهدين فحكاه، فلا يكون في إطلاقه دلالة على أنه قاله من جهة التوقيف⁣(⁣٣).

[مراتب رواية غير الصحابي]

  مسألة: (ورواية غير الصحابي) من التابعين ومن بعدهم لها مراتب في القوة أيضاً، ولكل مرتبة منها ألفاظ، وقد وضعها على الترتيب، فكل مرتبة أقوى مما بعدها.

  فالمرتبة الأولى قوله: (إما لسماعه من الشيخ) يعني أن الروايةمن غير الصحابي إما لأنه سمعه من شيخه بقراءة عليه أو غيرها⁣(⁣٤)، وهذه المرتبة التي هي السماع من الشيخ أقوى المراتب في الأصح، وعليه الجمهور.

  ونقل عن أبي حنيفة وابن أبي ذئب⁣(⁣٥) وغيرهما ترجيح القراءة على الشيخ على


(قوله): «وإلا فالظاهر الاجتهاد» استدل الإمام المهدي # للتفصيل الذي ذكره أئمتنا $ ومن معهم بأن الظاهر فيما لم يضفه الصحابي إلى الرسول ÷ أنه إنما صدر عن اجتهاده أو اجتهاد من قلده إن لم يقل بتجزؤ الاجتهاد، إلا لمانع نحو أن لا يكون للاجتهاد فيه مسرح بوجه من الوجوه فيحمل حينئذ على التوقيف؛ إذ لا يحسن منا حمله على أنه قاله تبخيتاً؛ حملا له على السلامة.

(قوله): «بقراءة» أي: بقراءة الشيخ على الراوي عنه وقصد من الشيخ لتحديثه به.

(قوله): «أو غيرها» أي: غير قراءته عليه وقصد تحديثه؛ بأن قصد تحديث غيره والراوي يسمع قراءته.


(١) يعني أن قياس الصحابي نصاباً على نصاب آخر اجتهاد، وأما تعيين المقدار فتوقيف.

(٢) إذ المقادير والأبدال والحدود مما للاجتهاد فيه مسرح، صرح بذلك في شرح الجوهرة للدواري، قلت: وهي مما طريقه التوقيف فلا تنافي.

(٣) فيحتمل أنه قاله لنص سمعه وأنه اعتمد عليه لتأدية اجتهاده أو اجتهاد من قلده إليه، فلا حجة فيه. (قسطاس).

(٤) وسواء كان ذلك إملاء على الشيخ ما يقوله والسامع يكتبه حالة الإملاء أو تحديثاً مجرداً عن الإملاء، وسواء كان ذلك من حفظ الشيخ أو كتابه. (من شرح أبي زرعة).

(٥) في المطبوع: ذؤيب.