[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]
  قال الشيخ أبو الحسن الكرخي |: كل شرط يفسد الصلاة(١) وهو ركن فيها يجب ظهور نقله كالقبلة التي ظهر نقلها ظهور نقل الصلاة، وما يعرض فيها وليس بشرط كنحو تحريم الكلام في الصلاة لا يجب نقله عاماً(٢)، ولا يجب شياع نقل صفة المنقول تواتراً كوجوب الوتر، ولا شياع نقل الوضوء من الرعاف ولا التوضؤ من القهقهة؛ لأن ذلك ليس مما تعم به البلوى؛ لندرتهما.
  ويرد عليه أن وجوب الوتر مما تعم به البلوى ولم يتواتر النقل بوجوبه، وتواتر نقل الوتر غير مفيد؛ لأن عموم البلوى بوجوبه، وهو لم يتواتر، وأن القيء والرعاف في الصلاة مما تعم به البلوى، وكون مس الذكر أعم منهما لا يبطل عمومهما.
[حكم أخبار الآحاد فيما يوجب حداً أو قصاصاً أو مقداراً]
  مسألة: اختلف في أخبار الآحاد إذا وردت فيما يوجب حداً أو قصاصاً أو مقداراً كابتداء النصب(٣) والكفارات:
  فذهب الشيخ أبو الحسن الكرخي | وأكثر الحنفية إلى أنه لا يقبل فيها خبر الواحد، (وهو) عند الأكثر (مقبول في الحدود والمقادير(٤)) ونحوها؛ وذلك (لما تقدم(٥)) من عموم الدليل الدال على وجوب العمل بأخبار الآحاد.
(قوله): «وما يعرض فيها» عطف على شرط، ويحتمل عطفه على كل شرط.
(قوله): «كتحريم الكلام في الصلاة» لعل هذا عندهم؛ فإن عدم الكلام عندنا شرط في صحة الصلاة.
(قوله): «كوجوب الوتر» فإن ثبوت الوتر قد نقل تواتراً، وأما صفته كالوجوب فلا.
(قوله): «كابتداء النصب» بخلاف ما قد ثبت منها فإن الحنفية يقبلون خبر الواحد في النصاب الزائد على خمسة أوسق لأنه فرع، ولم يقبلوه في ابتداء نصاب الفصلان والعجاجيل لأنه أصل، فإذا ماتت الأمهات في أثناء الحول بعد الولادة وتم حولها على أولادها فلا زكاة عندهم في الأولاد مع شمول الحديث لها، ذكره في شرح الجمع.
(١) أي: تركه، وقوله: كالقبلة في حاشية: ليست بركن؛ لأنها غير داخلة في الصلاة.
(٢) إذ لا يعم به البلوى.
(٣) وكذا في المعيار، قال صاحب القسطاس: هذا لفظ الجوهرة، قال بعض شراحها: يعني بذلك لو ورد خطاب بخبر آحادي أن نصاب الخضراوات مائتا درهم وكذلك نصاب أموال التجارة، ثم قال: ويلحق بذلك كل شيء ورد الخبر بتقديره، كتقدير الدية وتقدير الحدود وغير ذلك من الأعداد. اهـ بلفظه.
(٤) فلو ورد خبر آحادي بأن من قبل امرأة أو أتاها في دبرها حد قبل. (قسطاس).
(٥) من أنه عدل جازم في حكم ظني فوجب قبوله. (عضد).