هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]

صفحة 409 - الجزء 2

  (قيل) في الاحتجاج لمذهب المانعين: خبر الواحد محتمل للكذب ولو على جهة السهو⁣(⁣١) والغلط، وحينئذ يكون (الاحتمال شبهة⁣(⁣٢)) وقد جاء عن رسول الله ÷ أنه قال: «ادرؤوا الحدود⁣(⁣٣) بالشبهات» أخرجه ابن عدي عن ابن عباس مرفوعاً، وقد روي عن ابن مسعود موقوفاً، وعن عمر بن عبدالعزيز مرسلاً، فوجب أن لا يثبت بها حد أصلاً.

  وأيضاً في شرع الحدود والمقادير تقدير لا يعقل معناه فلا يثبت بطريق الظن كأعداد الركعات⁣(⁣٤).

  (قلنا) في الجواب عن الأول: كون الاحتمال شبهة (ممنوع) بل لا شبهة مع الحديث الصحيح وإن قام الاحتمال (كالشهادة وظاهر الكتاب) فإن احتمال الكذب في الشهادة وإرادة خلاف الظاهر في ظاهر الكتاب قائم ولم يعد شبهة.

  قالوا: إنما لم تعتبر الشبهة في الشهادات لدلالة النص القطعي على العمل بها.

  قلنا: كذلك أيضاً لا عبرة بالشبهة بعدما ثبت كون خبر الواحد حجة على الإطلاق بالدلائل القطعية.


(١) الأولى إسقاط لو؛ لأن خبر الواحد لا يقبل إلا من عدل، فلا يجوز عليه الكذب إلا سهواً أو غلطاً لا عمداً وافتراء.

(٢) وهي احتمال الكذب، فلا يقام الحد بخبره. (قلنا: المراد) بالشبهة التي بها تدرأ الحدود ما كانت (في نفس السبب لا) في (المثبت) للحكم المسبب (وإلا) أي: وإن لم يكن كذلك بأن يراد ما في المثبت وغيره أو في المثبت فقط (انتفت الشهادة) إذ احتمال الكذب فيها موجود (و) انتفى (ظاهر الكتاب) أي: الاستدلال به؛ إذ احتمال التخصيص والإضمار والمجاز قائم، واللازم باطل. (من التحرير وشرحه).

(٣) وأجيب بأن المراد درء فعل الحد لا درء تعلق الحكم، فإن الأحكام متساوية الأقدام في خطاب الله؛ لأن سبب نسبتها إليه واحد. (جلال).

(٤) قال في الفصول في بحث القياس: فلا يقاس على ما عدل به عن سنن القياس، نحو كون الصلوات خمساً، وتعيين عدد ركعاتها وسجداتها، ووقت الصوم، وصفات مناسك الحج ووقته وموضعه، وتفصيل نصب الزكاة، وانحصار حل النكاح في أربع، والطلاق في ثلاث، ويسمى الخارج عن القياس، والسؤال عن علته محظور، وفيه قال القاسم #: السؤال باللميات في الشرعيات زندقة.