هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]

صفحة 410 - الجزء 2

  (قيل) في الاحتجاج لمذهب المانعين أيضاً: (لو ثبتت به المقادير) كالحدود وابتداء النصب والكفارات (لثبتت بالقياس) واللازم باطل.

  أما الملازمة فلأن إثباتها مع قيام الاحتمال إثبات بالظن، وهو يحصل بالقياس، وأما بطلان اللازم فلقوة احتمال الخطأ فيه.

  (قلنا:) لزوم ثبوتها بالقياس (ملتزم⁣(⁣١)) كما يجيء في القياس إن شاء الله تعالى، ولو سلم عدم ثبوتها بالقياس فلا نسلم الملازمة؛ لإمكان الفرق بأن احتمال الخطأ في القياس أقوى كما يجيء إن شاء الله تعالى، أو بأن المقادير لا يعقل معناها، والقياس مفتقر إلى تعقل المعنى.

[حكم الخبر والقياس إذا تعارضا]

  مسألة: إذا تعارض الخبر والقياس فإن أمكن تخصيص أحدهما بالآخر أو تأويل أحدهما دون الآخر وجب التخصيص والتأويل جمعاً بين الدليلين، وإن لم يمكن الجمع بينهما بوجه فقد اختلف العلماء في المقدم منهما، فقال (الأكثر) من الناس كأئمتنا $ وأحمد والشافعي وأكثر أصحابه وأبي الحسن الكرخي وأبي عبدالله البصري وأكثر الحنفية: إن (مخالف القياس من كل وجه مقدم) على القياس، فلا يعمل بالقياس معه.

  (وقيل:) المقدم عند التعارض (القياس) وهو مذهب مالك⁣(⁣٢) وأصحابه.


(قوله): «فلقوة احتمال الخطأ فيه» أي: في القياس، جعل المؤلف # قوة احتمال الخطأ هنا بياناً لبطلان اللازم ليتم استدلال المخالف، ومقتضى ذلك تمام الملازمة، وفي الجواب جعلها رداً على هذا الاستدلال بياناً للفرق بين الخبر والقياس⁣[⁣١]، ومقتضى ذلك عدم تمام الملازمة، فلو بين بطلان اللازم بغير ذلك لكان أحسن.


(١) عند غير الحنفية، وعندهم غير ملتزم، والفرق لهم بين خبر الواحد والقياس في هذا بأنه أي: الحد ملزوم لكمية خاصة لا يدخلها الرأي، بخلاف خبر الواحد فإنه كلام صاحب الشرع، وإليه تعيين الكميات وغيرها. (تحرير وشرحه).

(٢) إلا أنه استثنى أربعة أحاديث فقدمها على القياس: حديث غسل الإناء من ولوغ الكلب، وحديث المصراة، وحديث العرايا، وحديث القرعة. (شرح التحرير لابن الهمام).


[١] بين الفرق بزيادة القوة لا بها لأنها مشتركة بين القياس وخبر الواحد فتأمل. (ح عن خط شيخه).