هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في شروط العمل بأخبار الآحاد]

صفحة 411 - الجزء 2

  (وقيل: محل اجتهاد) فإن غلب على ظن المجتهد أن الخبر أولى قدمه، وإن غلب على ظنه أن القياس أولى قدمه، وهذا حكاه أبو الحسين عن بعض الأصوليين، واعتمده بعض أصحابنا، واختاره الإمام يحيى بن حمزة #.

  (وقيل:) وهو اختيار أبي الحسين البصري (إن ثبتت العلة بقطعي) أي: إن كانت العلة الجامعة في القياس منصوصاً عليها بنص قطعي (فالقياس) مقدم مصيراً منه إلى أن النص على العلة كالنص على حكمها فيكون مقطوعاً، والخبر مظنون، وقد يُمنَع استلزامُ القطع بالعلية للقطع بالحكم؛ ولذلك أنكره منكر القياس.

  ولو سلم فإنما يتم إذا كان وجودها في الفرع مقطوعاً به⁣(⁣١)، وظاهر الدعوى العموم، فلم يطابقها الدليل (وإلا) تكن علة القياس منصوصاً عليها بقطعي فإما أن تكون منصوصة بظني أو مستنبطة، وعلى التقديرين فحكم الأصل إما أن يكون ثابتاً بدليل قطعي أو لا، (فإن كان الأصل قطعياً) أي: ثابت الحكم بدليل قطعي


(قوله): «محل اجتهاد» إذ الخبر ظني والقياس ظني، والظن يختلف باختلاف الأمارة، فقد يقوى الظن بالخبر لعدالة الراوي وشدة ضبطه وقرب عهده، وقد يقوى الظن بالقياس بعكس ذلك.

(قوله): «للقطع بالحكم» يعني الذي في الفرع؛ لاحتمال أن يكون خصوص الأصل⁣[⁣١] جزءاً من العلة.

(قوله): «ولذلك» أي: ولأجل أن النص على العلة لا يستلزم القطع بحكم الفرع.

(قوله): «أنكره» أي: أنكر هذا القياس⁣[⁣٢] المنصوص على علته منكر القياس، فلو كان حكم الفرع منصوصاً عليه لم ينكره.


(١) في الفصول: أبو الحسين إن كان أصل القياس وعلته ووجودها في الفرع معلومة فهو الأولى. اهـ وهذا تصريح بأن أبا الحسين يشترط قطعية وجدانها في الفرع. قال السيد صلاح في شرح الفصول بعد إيراد هذا الكلام ما لفظه: وهذا مما لا ينبغي أن يخالف فيه؛ لأن هذا القياس يقتضي القطع، وخبر الواحد يقتضي الظن، ومقتضي القطع مقدم على مقتضي الظن. اهـ ولا اعتبار بخلاف منكر القياس.


[١] شكل عليه وعليه ما لفظه: ما جعله القاضي سنداً للمنع ينافي قول أبي الحسين من كون العلة منصوصاً عليها؛ لأن النص على العلة يفيد بأنها بسيطة فتأمل. ولعل سند المنع ما يأتي في قوله: مسألة: النص على العلة غير كاف في التعبد به فتأمل من قوله: لجواز كونه لمجرد الانقياد والقبول ... إلخ. (ح عن خط شيخه).

[٢] الضمير في أنكره [يعود] إلى الاستلزام لا إلى القياس فتأمل. (ح عن خط شيخه). قد شكل على قوله: الضمير ... إلخ فتأمل.