[فصل: في الأوامر]
  (وإما بكونه أمراً) يعني يتميز الأمر عن غيره بصفة هي كونه أمراً(١)؛ لاستواء الصيغة فيه وفي التهديد، فلا بد من أمر زائد عليها، وإذا كان المميز صفة فلا بد من مؤثر فيها، فهو أحد ثلاثة أشياء: إما نفس الأمر، وهو المراد بقوله: (لذاته) أي: لذات الأمر الذي هو الصيغة (أو إرادة كونه أمراً، أو إرادة المأمور به) وما عدا هذه الاحتمالات الثلاثة لم يقل به أحد.
  والثالث مما يحتمل أن يكون مميزاً للأمر عن غيره قوله: (وإما بالوضع(٢))
(قوله): «وإما بالوضع» اختاره المؤلف # فيما يأتي، قال الإمام الحسن في القسطاس: اعلم أن الرازي ذهب إلى أن الصيغة تكون أمراً بالوضع من غير اعتبار إرادة كأسد وجمل، وحمل قول أبي القاسم على ذلك، وليس ببعيد عن المقصد، واحتج لما ادعاه بأنه قد ثبت أن ماهية الأمر والنهي والخبر وغير ذلك من أقسام الكلام ماهيات معلومة ضرورة لكل العقلاء من أرباب اللغات أجمع، بل للصبيان وتعلم تفرقة ضرورية بين طلب الفعل وطلب الترك والإخبار والاستفهام، وذلك معلوم بالوضع اللغوي من غير التفات إلى غير ذلك.
(١) وهي الأمرية، أي: الطلبية. (من خط العلامة عبدالقادر بن أحمد).
(٢) عطف على قوله: وإما بكونه أمراً، فهذه خمسة وجوه. (من شرح جحاف).
(*) اعلم أنه اضطرب كلام من عرفت من أهل الأصول في مسألة هل للأمر صفة زائدة يتميز بها عن غيره، أما ابن الإمام في الغاية وشرحها فقال: مسألة: اختلف في الأمر هل له بكونه أمراً صفة زائدة يتميز بها عن غيره من التهديد ونحوه أم لا، فقوله: «اختلف في الأمر» يفيد أن الخلاف في القول الإنشائي الدال على طلب الفعل كافعل مثلاً، وقوله: «هل له بكونه أمراً» يفيد أن الجالب للصفة الزائدة هو حصوله أمراً؛ إذ المعنى هل له بسبب كونه أمراً، فكونه أمراً بمعنى حصوله ووجوده سبب جالب للصفة، فكأنها وجدت الأمرية ثم الصفة. ثم قال: «يتميز بها عن غيره»، وظاهره أن الصفة المختلف فيها مميزة لا مقومة له، ثم إنه ذكر في نشر الأقوال والخلافات في تلك الصفة الإرادة على الخلاف فيها، وذلك يفهم أن محل الخلاف ليس هو القول الإنشائي ... إلخ، أعني اخرج مثلاً، بل ما تضمنه، وهو الطلب؛ إذ هو الذي تعلقت به الإرادة لا بلفظ «افعل»، ولعله تناقض بين كلامه.
ومما يؤيد أن الخلاف في لفظ «افعل» أن من تبعه في عبارته هذه وهو الإمام المهدي في معياره فسر زائدة بقوله: على مجرد حروفه، وكذا في القسطاس، وكذلك قوله: والحق أن الوضع كاف مما يؤيده، وفي غضون كلامه في هذه المسألة ما يفهم ذلك فانظره. ثم إنه إن أراد بالصفة ما يوصف به لفظ «افعل» من كونه أمراً أو مراداً مثلاً فلعله لا يخالف أحد في أن كلاً من الأقوال التي نشرها يتصف بها الأمر، أعني كونه مراداً وكونه أمراً وكونه موضوعاً، فلا يبقى لقوله: أم لا المقابل لهل له صفة زائدة فائدة، بل كان حقه أن يقول: مسألة اختلف في صفة الأمر المؤثرة التي يتميز بها عن غيره، فقيل ... إلخ. وإن أراد أمراً آخر لم يصح إطلاق الصفة الزائدة إلا على كونه أمراً التي هي في عبارته =