[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  بيان ذلك: أن الآمر إن(١) أراد المأمور به قبل تناولها(٢) إياه فلا علة تجمع بينهما(٣)؛ لأن الإرادة معه(٤) ومع التهديد قبل وجودهما على سواء، فلا تخصيص لها بأيهما فلا تمييز، وهو ظاهر، وهكذا إن أراده بعد تناولها إياه مع لزوم فساد آخر، وهو الدور، بيانه: أن مصير الصيغة أمراً يتوقف على الإرادة؛ لأن التمييز إنما يحصل بها، والمفروض تأخرها(٥). وإن أراده معها فلا اختصاص أيضاً، وإلا لزم أن لو أورد صيغة خبرية عند إرادته لفعل يقع من غيره أن تكون أمراً(٦)، وإن قيل: يحتاج مع ذلك(٧) إلى أن يريد بالصيغة الطلب لم تكن تلك كافية في التمييز، مع أنه يلزم
(قوله): «وهكذا إن أراده ... إلخ» عبارة المنهاج: وإن أراده بعد ما تناولته، وهي أولى؛ لأن مقتضى قول المؤلف #: وهكذا أنه يجري فيه ما سبق، وليس كذلك[١]؛ إذ الإرادة فيما سبق قبل وجودهما، وهنا بعد تناولهما.
(قوله): «والمفروض تأخرها» هذا لا يتم به الدور[٢]، إنما يتم إذا قيل كما في المنهاج: لأن التمييز إنما يحصل بها، ولا يريد ما تناولته - وهو المأمور به - إلا بعد مصيرها أمراً متعلقاً بذلك المأمور به.
(قوله): «وإلا لزم» مقتضى العبارة أن المعنى: وإلا أي وإن لم ينتف عدم الاختصاص بل ثبت الاختصاص لزم ... إلخ، وليس المعنى كذلك[٣]، فالأولى أن يقال: فلا اختصاص أيضاً، فيلزم أن لو أورد الخ كما هو مقتضى ما في المنهاج.
(قوله): «وإن قيل يحتاج ... إلخ» هذا مترتب على شيء مقدر، تقديره: هذا - أي: كون صيغة الأمر وسائر الألفاظ الخبرية مع تلك الإرادة على سواء - إذا لم نقل بأنه يحتاج إلى أن يراد بالصيغة الطلب، وإن قيل يحتاج ... إلخ.
(قوله): «مع ذلك» أي: إرادة المأمور به.
(قوله): «لم تكن تلك» أي: إرادة المأمور به.
(قوله): «كافية في التمييز» لأنه يحتاج إلى أن ينضم معها أن يريد بالصيغة الطلب، مع أن الفرض كفايتها. وفي المنهاج: لأنها قد وضعت أمراً[٤] من قبل الإرادة، فلا يحتاج إليها في مصيرها أمراً.
(١) في المطبوع: إذا أراد.
(٢) أي: الصيغة إياه، يعني المأمور به.
(٣) أي: بين الإرادة والصيغة.
(٤) أي: الأمر، وقوله: قبل وجودهما أي: الأمر والتهديد.
(٥) وعبارة القسطاس: وبيانه أنها لا تصير الصيغة أمراً حتى يراد ما تناولته، ولا يراد ما تناولته إلا وقد صارت أمراً.
(٦) إذ لم يؤثر في مصير ذلك اللفظ أمراً إلا مقارنته لتلك الإرادة، فيلزم في كل لفظ قارنها أن يكون أمراً. (منهاج).
(٧) أي: مع المقارنة.
[١] مراد المؤلف بقوله: وهكذا أي لا تمييز، فلا وجه لما ذكره المحشي فتأمل. (ح عن خط شيخه).
[٢] ينظر. (من خط السيد عبدالله الوزير). بل قد تم به الدور فتأمل. (ح عن خط شيخه).
[٣] يتأمل في هذا إن شاء الله تعالى. (ح عن خط شيخه). وفي حاشية: كلام المؤلف مستقيم؛ إذ معناه وإلا نقل بعدم الاختصاص بل قلنا باختصاص الإرادة بالأمر لزم أينما وجدت وجد الأمر؛ ضرورة وجود الملزوم إن وجد اللازم، وظاهر وجودها في الخبر المذكور، فيلزم كونه أمراً، فكلام المحشي وهم. (حسن بن يحيى الكبسي عن خط العلامة السياغي).
[٤] ينظر إن شاء الله تعالى في كلام المنهاج؛ إذ قوله: لأنها قد وضعت لا يصلح علة لعدم الكفاية فتأمل؛ إذ الظاهر أنه علة لعدم الاحتياج إلى إرادة الطلب. (ح عن خط شيخه).