[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  عليه أن يكون أنا طالب منك كذا صيغة أمر، ولأبي الحسين في المعتمد كلام طويل بالغ فيه في نصرة مذهبه(١).
  (وقيل بالثاني) وهو أن للأمر بكونه أمراً صفة لذاته، وهكذا الخبر له بكونه خبراً صفة لذاته، وهكذا سائر أنواع الكلام، فيجعل لها صفات ذاتية كالجوهرية للجوهر، وهذا قول أبي القاسم البلخي(٢) وأتباعه.
  (ويرد) عليه أنه لو كان كذلك لم تخرج الصيغة عن كونها أمراً، فيكون (التهديد) أمراً، وأيضاً لو كان كذلك لكانت الصيغة أمراً قبل الوضع، والكل ظاهر البطلان.
  (وقيل بالثالث) وهو أنه يتميز عن غيره بصفة وهي كونه أمراً، والمؤثر فيها إرادة الآمر لكونه أمراً(٣)، وهذا قول الأشعرية على ما نسبه إليهم الإمام المهدي # وغيره من أصحابنا، لكنه لم يوجد في كتبهم الأصولية نسبة هذا القول إلى أحد منهم، والأقرب أن الأشاعرة لا يثبتون للأمر بكونه أمراً حالاً، ولم يشتهر عنهم إلا القول بأن الأمر بالشيء لا يستلزم إرادته، وقد صرح بذلك الإمام يحيى بن حمزة # في معياره؛ لأنه جعل المختلفين في هذه المسألة فريقين: فالفريق الأول ينكرون
(قوله): «لكانت الصيغة أمراً قبل الوضع» لأن الذات ثابتة في العدم عند هؤلاء؛ لأنهم قائلون بأن الذوات ثابتة في الأزل؛ ولذا قال الشيخ العلامة | في شرح الفصول: وأن يكون الكلام أمراً في العدم. قال في شرح الجوهرة: ووجوه الإبطال لهذا القول بالنظر إلى ظاهر هذه المقالة كثيرة.
(قوله): «لا يستلزم إرادته» أي: إرادة ذلك الشيء كما سيأتي في توعد السلطان لسيدِ عبدٍ على ضربه لعبده.
(١) وهو أن المميز إرادة المأمور به.
(٢) قال الإمام المهدي # لكني أظن أن أبا القاسم يلحظ مذهب أبي الحسين، وهو أن الأمر لا صفة له بكونه أمراً، بل معنى كونه أمراً كونه صيغة مخصوصة لكن يلزمه أن تفصله عن التهديد إرادة المأمور به[١]، ولعله يشترط ذلك، والله أعلم.
(٣) وهي الأمرية. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد). وهي حال مؤثرة، ومعنى تأثيرها أنها عند البهشمية تقتضي صفة أخرى يرجعان إلى ذات واحدة، وهذه الصفة هي التي يتميز بها الأمر عن غيره، قال النجري: والصفة والحال والمزية بمعنى واحد في الاصطلاح.
[١] في المنهاج: لكن يلزمه أن يفصله عن التهديد باشتراط مقارنته للإرادة، ولعله يشترط ذلك.