هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 433 - الجزء 2

  حاجة الآمر إلى الإرادة، ولهم مذهبان:

  أحدهما: أنه يكون أمراً لذاته، وهو قول الكعبي⁣(⁣١) وأصحابه من معتزلة بغداد.

  وثانيهما: أنه يكون أمراً لصيغته المخصوصة، وهو قول بعض الفقهاء.

  والفريق الثاني وهم القائلون باحتياج الأمر إلى الإرادة لهم مذهبان أيضاً: أحدهما: أن له بكونه أمراً حالاً وحكماً، وهو قول الجماهير من المعتزلة، إلا أن منهم من يقول: يكون أمراً بإرادات⁣(⁣٢) ثلاث: إرادة حدوث الصيغة، وإرادة كونها أمراً، وإرادة المأمور به، وهذا رأي أبي علي الجبائي وأتباعه، ومنهم من يقتصر على إرادتين: إرادة حدوث الصيغة أمراً، وإرادة المأمور به، وهذا رأي أبي هاشم⁣(⁣٣) وأتباعه.

  المذهب الثاني: قول من ذهب إلى أنه ليس للأمر بكونه أمراً حال، إلا أن منهم من يشترط إرادة كونه⁣(⁣٤) أمراً، وهذا هو مذهب الأشعرية كالجويني والغزالي وابن


(١) يعني أبا القاسم البلخي. اهـ البلخي نسبة إلى بلده، والكعبي نسبة إلى قبيلته. (عبدالقادر بن أحمد).

(٢) قوله: بإرادات ثلاث واحترز بالأولى عن النائم؛ إذ تصدر عنه صيغة «افعل» من غير إرادة وجود اللفظ، وبالثانية عن التهديد والتخيير والإكرام والإهانة ونحوها، وبالثالثة عن الصيغة تصدر عن الحاكي والمبلغ فإنه لا يريد الامتثال. قال السعد: الأولى أن يقال: القيود لتحقيق الماهية، وإلا فالاحتراز عن الكل حاصل بالقيد الأخير. اهـ نقلاً. هذا في حاشية السعد على قوله: وقال قوم: صيغة «افعل» بإرادات ثلاث: إرادة وجود اللفظ، وإرادة دلالتها على الأمر، وإرادة الامتثال ... إلخ.

(٣) وهو قول أكثر أئمة الزيدية والشيعة، منهم المؤيد بالله وأبو طالب والمهدي وغيرهم. (من فوائد العلامة الجنداري).

(٤) وهذا الاشتراط لا يكون للأمر به حال.

(*) فإن قيل: إرادة كونه أمراً هي الصفة، فيكون مثل رواية الإمام فتأمل. (عن خط القاضي إبراهيم السحولي). قد تأملت فظهر لي أن الخلاف بين النقلين إنما هو في كون الصفة للأمر بسبب كونه أمراً كما نقله الإمام المهدي # أم بسب آخر كما استنبطه المؤلف # من كلام الإمام يحيى، وحينئذ فالفرق بين النقلين واضح؛ لأن نقل الإمام المهدي أن للأمر بسبب كونه أمراً حالاً، والمستنبط من نقل الإمام يحيى أن ليس للأمر بسبب كونه أمراً حال، بل بسبب سوى كونه أمراً. (من خط قال فيه: اهـ شيخنا). إرادة كونه أمراً ليست هي الصفة؛ لأن الصفة كونه أمراً، وإنما اختلفوا في المؤثر فيها، وكلام المتأمل غير صحيح؛ لأنهم ينفون الصفة على كلام الإمام يحيى، وهو أثبتها لسبب آخر، والظاهر من مذهب الأشعرية خلاف النقلين؛ لأنهم يثبتون الكلام النفسي، وحدوا الأمر بأنه طلب غير كف على جهة الاستعلاء، أو اقتضاء فعل غير كف. (من فوائد العلامة الجنداري).