[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  الأمر والتهديد، ولأن الأمر كالخبر؛ إذ هما قسمان من أقسام الكلام، فكما أن الخبر يكون خبراً لإرادة كونه خبراً بالاتفاق(١) كذلك الأمر.
  (وإلا) يكن المراد ذلك فلا محالة يكون المراد إرادة المأمور به لتعين المؤثر في الإرادة كما حققناه، وإذا كان هو المراد (لزم) القول (الرابع، وهو باطل؛ لأن الله تعالى أمر الكافر بالطاعات ولا يريدها منه) أما كونه مأموراً بالطاعات فضروري في التصديق(٢) والإسلام، ومختار في سائر الطاعات.
  وأما كونه لا يريد وقوعها منه فلوجهين: أما الأول: فلأنه لو أراد الإيمان من الكافر والطاعة من العاصي وقد صدر الكفر من الكافر والمعصية من العاصي لزم أن لا يحصل مراد الله تعالى(٣) ويحصل مراد الكافر والعاصي، فيلزم أن يكون الله
(قوله): «وإلا يكن المراد» أي: المراد بالإرادة «ذلك» أي: كون الصيغة أمراً.
(قوله): «لتعيين المؤثر» أي: في كونه أمراً.
(قوله): «كما حققناه» حيث قلنا: ويتعين منها الإرادة ... إلخ.
(قوله): «وإذا كان هو» أي: المؤثر، وهو إرادة المأمور به هو المراد بالإرادة.
(قوله): «لزم القول الرابع» وهو أن يكون المميز كونه أمراً، والمؤثر فيه إرادة المأمور به.
(قوله): «وهو» أي: القول الرابع باطل، إبطال القول الرابع بقوله: لأن الله تعالى أمر الكافر ... إلخ مبني على أن القول الثالث منسوب إلى الأشاعرة كما ذكره الإمام المهدي # وغيره من أصحابنا؛ لأن إبطال القول الرابع بما ذكره المؤلف # مستقيم على أصلهم.
(قوله): «فضروري في التصديق والإسلام» أي: معلوم بالضرورة من الدين أن الكفار مكلفون بهما. وقوله: «ومختار» أي: تكليف الكافر بسائر الطاعات مختار أكثر العلماء؛ إذ قد خالف في تكليف الكفار بالشرعيات أكثر الحنفية.
(١) قد تقدم له في شرح قوله: قيل بالأول ما يدفع دعوى الاتفاق. (من أنظار السيد زيد |). الذي تقدم لأهل القول الأول أنه ليس للخبر بكونه خبراً صفة، وهاهنا هو أن المميز للخبر بكونه خبراً إرادة كونه خبراً، فلا تنافي فتأمل.
(٢) أي: يعلم ضرورة من دين النبي ÷ ومتفق عليه أي: التكليف بالإيمان والإسلام، وأما في التكليف بسائر الطاعات التي هي فروع الإيمان فمختار أكثر العلماء أنه مكلف بها كما أشار إليه بقوله: ومختار في سائر الطاعات، أي: مختار الأكثرين خالف فيه جمهور الحنفية.
(٣) وعند أن يسمع المنصف قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ}[النساء: ٢٧]، {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ}[النساء: ٢٦]، تذهب هذه الشبهة هباء منثوراً، وكل ما يريده الله تعالى من أفعال العباد فهو مشروط باختيارهم بخلاف ما يريده من غير أفعالهم فإنه واقع لا محالة. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد مع تصرف يسير مفيد في بعض العبارات).