[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  مغلوباً والكافر والعاصي غالبين عليه، بل يلزم أن يكون أكثر ما يقع من العباد خلاف مراده تعالى، والظاهر أنه لا يصبر على ذلك رئيس قرية من عباده.
  وأما الثاني فلأنه تعالى(١) لما علم منه أنه لا يؤمن فلو آمن لزم منه انقلاب علمه تعالى جهلاً، وهو محال، والمفضي إلى المحال محال، فإيمانه محال، والله تعالى عالم بكونه محالاً، والعالم بكون الشيء محالاً لا يريده بالاتفاق، فثبت أن الله لا يريد الإيمان من الكافر وكذلك سائر الطاعات.
  (ولأنه قد يؤمر العبد بالمكروه(٢) إذا أريد تعريف عصيانه) وذلك حيث أنكر السلطان ضرب سيد لعبده متوعداً له بالإهلاك إن ظهر أنه لا يخالف أمره، والسيد يدعي مخالفة العبد له في أوامره ليدفع عن نفسه الهلاك، فإنه يأمر عبده بحضرة السلطان ليعصيه ويشاهد السلطان عصيانه له فيزول إنكاره عليه ويخلص من الهلاك(٣).
  (ولقصة إبراهيم #) فإنه أمر بذبح ولده ولم يرد منه لنسخه قبل مضي مدة الامتثال.
  (ورد بمنع الثانية) وهي بطلان القول الرابع (و) ما ذكروه من الوجوه لبطلان اللازم غير تام، أما (الأول) وهو أمر الكافر بالطاعة والمراد منه الكفر فإن فيه إرادة القبيح وترك إرادة الحسن، وأنه (قبيح) عقلاً فلا يصدر منه تعالى كما تقرر في موضعه.
(قوله): «ولأنه قد يؤمر العبد» أي: عبد الآمر «بالمكروه» أي: بما يكره الآمر الفعل المأمور به «إذا أريد» أي: إذا أراد الآمر «تعريف عصيانه» أي: أن يعرف السلطان عصيان العبد فلا ينكر السلطان ضرب السيد لعبده، وهذا معنى قوله في الشرح: وذلك حيث أنكر السلطان، فقوله: متوعدا حال من السلطان، وضمير له للسيد، وضمير أنه للعبد.
(قوله): «والمراد منه الكفر» يكفي أن يقال: ولا يريد الطاعات كما قد سبق للمؤلف #.
(١) العبارة من قوله: فلأنه لما علم ... إلخ عبارة الرازي في المحصول.
(٢) أي: يفعل وهو يكرهه منه.
(٣) فهاهنا قد أمره وإلا لم يظهر عذره، وهو مخالفة الأمر، ولا يريد منه الفعل لأنه لا يريد ما يفضي إلى هلاك نفسه، وإلا كان مريداً لهلاك نفسه، وأنه محال. (عضد).