هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 441 - الجزء 2

  لأنهم يقولون: إن لكل نوع من أنواع الكلام حالاً وحكماً، فللأمر بكونه أمراً حال، وللنهي بكونه نهياً حال، وللخبر بكونه خبراً حال، إلى غير ذلك.

  ومنهم من يذهب إلى التفصيل فيقول: إن للخبر بكونه خبراً⁣(⁣١) حالاً، بخلاف الأمر، وهو قول الشيخ الحسن الرصاص، ولعل سائر أنواع الكلام عنده حكمها حكم الخبر؛ إذ طريقة الدلالة في ذلك واحدة، إلا النهي فإنه عنده كالأمر وإن كان قد روي⁣(⁣٢) عنه أن سائر ضروب الكلام كالأمر، فأما أبو هاشم فمقتضى كلامه أنه لا يثبت للأمر بكونه أمراً حالاً ولا يعرف ما يقول فيما سواه، كذا حكاه عنه الدواري ¦ في شرحه، ورواية الإمام يحيى # عنه تخالف هذه الرواية.

  وأما أن المؤثر فيها إرادة المأمور به فهو قول البصرية من المعتزلة كما رواه عنهم الإمام المهدي # وصاحب الجوهرة وغيرهما.

  قال الإمام المهدي: والتحقيق أن المؤثر في إيجاد الصيغة على صفة الطلبية هي القادرية⁣(⁣٣)، لكن القادرية إنما أوقعت الصيغة على صفة الطلبية لأجل إرادة


(قوله): «ولعل سائر أنواع الكلام ... إلخ» قال الشيخ العلامة في شرح الفصول: ولم أظفر حال الكتابة بدليل الشيخ الحسن على الفرق.

(قوله): «ورواية الإمام يحيى #» يعني التي سبقت آنفاً «عنه» أي: عن أبي هاشم.


(١) لأنه له خارجاً دون الإنشاء، والأحكام والخواص إنما تكون لما له خارج. وقوله: ولعل ... إلخ ظاهره المخالفة لتعليله بقوله: إذ طريقة ... إلخ.

(٢) قال الإمام المهدي #: التفصيل للشيخ الحسن، فإنه أثبت للخبر بكونه خبراً صفة ونفاها عن سائر أنواع الكلام. (غايات).

(*) قوله: وإن كان قد روي عنه أن سائر ضروب الكلام كالأمر، قال في الفصول: الشيخ: للخبر حكم دون الإنشاء، وقال في الحاشية: وجه فرق الشيخ بين الخبر والأمر والنهي ما قاله الإمام عزالدين في شرح المنهاج من أنه جعل تميز الأمر والنهي وغيرهما بإرادة المأمور به وكراهة المنهي عنه، فاكتفى بذلك عن إثبات صفة لهما، بخلاف الخبر فإنه لا يصح أن يتميز بإرادة المخبر عنه؛ إذ قد يكون باقياً وماضياً وقديماً، لكنه يقال: فهلا جعلتم تميزه بإرادة كونه خبراً عما أخبر بصفته.

(٣) القادرية صفة تؤثر في وجود الممكن وإعدامه. والإرادة صفة تؤثر في اختصاص أحد طرفي الممكن من وجود وعدم وطول وقصر ونحوها بالوقوع بدلاً عن مقابله. فصار تأثير القدرة فرع تأثير الإرادة، والله أعلم.