هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 451 - الجزء 2

  الوجود عن العدم، وليس فيه انتقال من حالة إلى حالة، بخلاف التسخير فإن فيه الانتقال إلى حالة الذلة والامتهان، والعلاقة فيه وفي التكوين إما مجرد الطلب وإما مشابهتهما للواجب في التحتم.

  (و) التاسع: (التعجيز⁣(⁣١)) كقوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ}⁣[البقرة: ٢٣]، والعلاقة فيه التضاد؛ لأنه إنما يكون في الممتنعات، والواجب في الممكنات.

  (و) العاشر: (الإهانة) كقوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ٤٩}⁣[الدخان]، ومنهم من يسميه التهكم، وضابطه أن يؤتى بلفظ ظاهره الخير والكرامة⁣(⁣٢) والمراد ضده، والعلاقة المضادة⁣(⁣٣).

  (و) الحادي عشر: (التسوية) بين الأمرين، كقوله تعالى: {فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا}⁣[الطور: ١٦]، فإنه أراد به التسوية في عدم النفع بين الصبر وعدمه، والعلاقة المضادة؛ لأن التسوية بين الفعل والترك مضادة لوجوب الفعل.

  (و) الثاني عشر: (الدعاء) نحو: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا}⁣[آل عمران: ١٤٧]، والعلاقة فيه مجرد الطلب⁣(⁣٤).

  (و) الثالث عشر: (التمني) كقول امرئ القيس: «ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي»، وإنما حمل على التمني دون الترجي لأنه أبلغ؛ وذلك لأنه نزل ليله لطوله عليه منزلة المستحيل انجلاؤه كما قال الآخر: «وليل المحب بلا آخر⁣(⁣٥)» وعلاقته


(١) أي: إظهار العجز. (محلي).

(٢) لم تكن صيغة الأمر ظاهرها الخير والكرامة، بل التهكم جاء من قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ٤٩}. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).

(٣) لأن الإيجاب على العباد تشريف لهم؛ لما فيه من تأهيلهم لخدمته؛ إذ كل أحد لا يصلح لخدمة الملك، ولما فيه من رفع درجاتهم، قال ÷ عن الله: «وما تقرب المتقربون إلي بمثل أداء ما افترضت عليهم». (أسنوي). وعلى هذا فتكون الصيغة مستعملة في ضد لازم الموضوع له فتأمله. (ع).

(٤) ظاهر هذا أنه من استعمال الصيغة في جنس ما وضعت له، والمعلوم أن الدعاء طلب على سبيل التضرع، فهو مقيد، وحينئذ فهو من استعمال المقيد في المقيد، والله أعلم.

(٥) صدره: رقدت ولم ترث لساهر، وقيل: ليالي الوصال لها آخر.