هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 454 - الجزء 2

  البرهان، وسماه بعض بالتحكيم وبعض بالتسليم وبعض بالاستبسال⁣(⁣١).

  وكالمشورة في قول إبراهيم لابنه إسماعيل @: {فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}⁣[الصافات: ١٠٢]، وأشار إلى مشاورته في هذا الأمر.

  وكالاعتبار في قوله تعالى: {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ}⁣[الأنعام: ٩٩]، وكالتكذيب في قوله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ}⁣(⁣٢) [النمل: ٦٤]، {وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}⁣[البقرة: ٢٣]، وكالالتماس في قولك لنظيرك: افعل، وكالتحيير والتلهيف في قوله تعالى: {قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ}⁣[آل عمران: ١١٩]، وكالتصبير⁣(⁣٣) في قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا}⁣[الحجر: ٣]، {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا}⁣[الزخرف: ٨٣]، {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ١٧}⁣[الطارق].

  إذا تقرر عندك استعمال صيغة الأمر في هذه المعاني فالمختار أنها ترد (حقيقة في) المعنى (الأول) وهو الوجوب⁣(⁣٤) (لغة وشرعاً) وهذا قول الجمهور من أئمتنا $ والمعتزلة والفقهاء⁣(⁣٥).

  (وقيل:) إنها حقيقة فيه (شرعاً فقط) وهو قول أبي طالب وأبي القاسم البلخي وأبي عبدالله البصري والجويني.

  (وقيل:) بل (في الندب) لا غير، وهذا قول أبي هاشم والقاضي عبدالجبار وبعض الفقهاء وإحدى الروايتين عن الشافعي وأبي علي الجبائي، وهو رواية عن


(١) من البسالة، وهي الشجاعة. اهـ وفي حاشية: استبسل: وطن نفسه للموت.

(٢) هذا أظهر في التعجيز، وقد سبق، والأوضح في التمثيل له قوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٩٣}⁣[آل عمران] كما في شرح الجمع للمحلي. (من خط السيد زيد بن محمد |).

(٣) والتعجب نحو: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ}⁣[الإسراء: ٤٨]. (محلي). قال ابن أبي شريف: يعني تعجب المخاطب، ولو عبر بالتعجيب لكان أظهر.

(٤) قال فيما تقدم: الإيجاب، وهو الأظهر.

(٥) فائدة: إذا وردت صيغة الأمر من الشارع وفرعنا على أنها حقيقة في الوجوب فهل يجب اعتقاد أن المراد بها الوجوب قبل البحث عن كون المراد بها ذلك أو غيره؟ فيه الخلاف الآتي في وجوب اعتقاد العموم قبل البحث عن المخصص، حكاه الشيخ أبو حامد وابن الصباغ. (من شرح منهاج البيضاوي).