هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 466 - الجزء 2

  الوضع إنما هو النقل بطريق التنصيص أو بتتبع موارد⁣(⁣١) الاستعمال.

  لا يقال: الجواز هو عين الإباحة فلا يكون من إثبات اللغة بلوازم الماهيات؛ لأنا نقول: معنى الإباحة جواز الفعل والترك، والجواز أعم من أن يكون مع جواز الترك ومع المنع منه.

  احتج أهل (الاشتراك) وهم القائلون بأنها حقيقة في الوجوب والندب فقط والقائلون بأنها حقيقة فيهما وفي الإباحة والقائلون بأنها حقيقة في الثلاثة والتهديد والقائلون بأنها حقيقة في الأربعة والإرشاد بأنه (ثبت الإطلاق⁣(⁣٢)) من أهل اللغة لصيغة الأمر في الوجوب والندب أو في الثلاثة أو في الأربعة أو في الخمسة، والأصل في الإطلاق الحقيقة، فتكون حقيقة فيها وهو الاشتراك.

  (قلنا:) الإطلاق الواقع من أهل اللغة (مجاز) لا حقيقة، وذلك لأن المجاز أولى من الاشتراك. وأيضاً يلزم أن يكون حقيقة في جميع المعاني التي تقدم تعدادها؛ لوقوع الإطلاق، ولا قائل به.

  احتج أهل (الوقف) بأنه (لو ثبت) لشيء (لثبت بدليل) واللازم منتف؛ لأنه إما أن يثبت بدليل (عقلي ولا يجدي) لأنه لا مدخل له في اللغة كما عرفت (أو) بدليل نقلي فإما (آحادي ولا يفيد) لأن المسألة علمية، والآحاد لا تفيد العلم⁣(⁣٣)


(قوله): «لو ثبت لشيء» أي: لو ثبت كونه موضوعاً لشيء من المعاني.


(١) وقد يقال: لأنه يستلزم نفي الاشتراك يعني اللفظي بالكلية؛ إذ ما من مفهومين إلا ويشتركان في لازم⁣[⁣١]، وقد يجاب بأن الكلام فيما إذا لم يوجد دليل الاشتراك، وهذا بعد ثبوت اشتراك كل مفهومين في لازم يخصهما. (سعد). يعني وإلا فلا نسلم ذلك، أي: اشتراك كل مفهومين في لازم يخصهما.

(٢) والجواب أنه لو كان كذلك لم يفهم من مطلق الصيغة الوجوب دون الندب؛ لامتناع سبق أحد معنيي المشترك إلى الفهم من غير قرينة. (رفو).

(٣) عبارة الأسنوي في شرح المنهاج: لأن رواية الآحاد إن أفادت فإنما تفيد الظن، والشارع إنما أجاز الظن في المسائل العملية وهي الفروع دون العلمية كقواعد أصول الدين، وكذلك قواعد أصول الفقه، كما نقله الأنباري شارح البرهان عن العلماء قاطبة؛ وذلك لفرط الاهتمام بالقواعد.


[١] فيلزم أن يكون اللفظ المشترك بينهما موضوعاً لذلك اللازم فلا يكون مشتركاً بينهما. (علوي).