[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  (قيل) في الجواب على ما ذكره الأولون: إنه إنما يصير ممتثلاً (لأن المأمور به) طلب الفعل(١) مطلقاً، وهو حاصل (في ضمنها) ولا نسلم أنه ظاهر فيها بخصوصها(٢).
  وحجة (الثاني) بأنه (تكرر الصوم والصلاة) ولو لم يكن الأمر مفيداً له لما تكررا.
  (وأيضاً النهي) ثبت (للتكرار) كما في: لا تصم (فكذا الأمر) يجب أن يكون للتكرار كصم؛ لاشتراكهما في وصف، وهو الطلب.
  (وأيضاً(٣) لو لم يتكرر) الأمر أي: يدل على التكرار بل دل على المرة (لم ينسخ) أصلاً؛ لأن النسخ إن كان بعد الفعل فلا تكليف، وإن كان قبله كان بداء، وهو على الله تعالى محال، لكنه يجوز نسخه، فدل على أنه للتكرار.
  (وأيضاً فهمه) يعني التكرار (الأقرع) بن حابس (أو سراقة) بن جُعْشُم(٤)
(قوله): «لأن المأمور به طلب الفعل» الطلب هو نفس مدلول الآمر لا أنه المأمور به، فالأولى لأن المأمور به إيجاد الفعل.
(١) لعل الأنسب حذف «طلب». (عن خط المتوكل على الله إسماعيل |).
(٢) حاصله: أن المرة لا دخل لها في سبب الامتثال وإن كانت من ضروريات المطلوب، كما أن زمن الضرب من ضرورياته ولا دخل له في كون الضرب سبباً للتأديب، والله أعلم.
(٣) (أورده فخر الإسلام) دليلاً (لاحتمال التكرار) فقال: لو لم يحتمل اللفظ لما أشكل عليه (وهو) أي: السؤال المذكور كونه دليلاً (للوقف بالمعنى الثاني) وهو أنه لا يدرى مراد المتكلم أهو المرة أو التكرار (أظهر) من كونه دليلاً لاحتمال التكرار؛ لأنه إذا كان يحتمل التكرار يلزم أن يكون ظاهراً في المرة، فيلزم كون السؤال في غير محله؛ لأن موجبه العمل بالظاهر وترك السؤال، بخلاف ما إذا كان مراد المتكلم خفياً فإنه حينئذ يكون السؤال في محل الحاجة. (من تحرير ابن الهمام وشرحه التيسير).
(٤) في جامع الأصول: هو سراقة بن مالك بن جُعْشُم بضم الجيم وسكون العين المهملة وضم الشين المعجمة. اهـ وكذا في النهاية، وقال: نسب هنا إلى جده، الكناني المدلجي الحجازي، كان يسكن قديداً ومكة، وهو الذي ساخت به فرسه وكتب له رسول الله ÷ كتاباً، أسلم بعد فتح مكة وتوفي ¥ أول خلافة عثمان سنة ٢٤. وعُكَّاشة بن محصن بضم العين وتشديد الكاف وتخفيفها، والتشديد أكثر، ومحصن بكسر الميم. (جامع الأصول).