هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 478 - الجزء 2

  رسول الله، آلحج في كل سنة أو مرة واحدة؟ قال: «بل مرة واحدة فمن زاد فتطوع»، ورواه الحاكم أيضاً وصحح إسناده.

  (قيل) في الجواب على هذا الوجه: (لو فهم) السائل التكرار من الأمر بالحج (لما سأل) إذ يكون السؤال مع العلم بالمسؤول عنه عبثاً، فدل السؤال على أن الأمر لا يفيد التكرار.

  (ورد) هذا الجواب: بأن السائل (علم أن لا حرج في الدين⁣(⁣١)) من قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}⁣[الحج: ٧٨]، وقوله ÷: «بعثت بالحنيفية السمحة» (وفي حمله على معناه) وهو التكرار (أعظم الحرج، فسأل) لذلك لا لتفهيم معناه.

  (وأجيب عن) الوجه (الأول) بمنع الملازمة، وأسند⁣(⁣٢) (بأن التكرار فهم من غيره) كالسنة والإجماع وربط الحكم بالسبب، أعني الوقت، فيتكرر بتكرره.

  (وعن) الوجه (الثاني بأنه قياس) في اللغة، وقد بينا بطلانه⁣(⁣٣).

  (و) بالفرق (بأن الانتهاء⁣(⁣٤)) عن الشيء (أبداً ممكن) لأن فيه بقاء على العدم فلا يمتنع ولا يمنع من فعل غيره من المأمورات؛ إذ التروك تجتمع وتجامع كل فعل (لا الامتثال)


(١) وبأنه قد يستفسر عن أفراد المتواطئ كما إذا قال: اعتق رقبة، فتقول: أمؤمنة أم كافرة؟ سليمة أم معيبة؟ ذكر معناه الأسنوي في شرح المنهاج في باب المطلق. (من خط المتوكل على الله إسماعيل).

(٢) أي: المنع، أي: قوي، كذا في الحواشي.

(٣) قد يعترض بأن البحث هاهنا ليس في اللغة، بل في اقتضاء الأمر مطلقاً من أي لغة كان، وفساده واضح⁣[⁣١]؛ لأن الكلام في أن صيغة الأمر من أي لغة كانت هل تدل على التكرار، وإثبات ذلك بالقياس على النهي إثبات بالقياس، اللهم إلا أن تثبت قاعدة استقرائية بأن كل ما كان للطلب فهو دال على التكرار. ومن أين لهم ذلك؟ (سعد).

(٤) حاصله الفرق بوجهين: أحدهما: أن المقتضي للتكرار - وهو توقف انتفاء حقيقة الفعل عليه - [يعني التكرار] متحقق في النهي دون الأمر. وثانيهما: أن المانع عنه وهو تعطيل المأمورات بل كثير من المصالح متحقق في الأمر دون النهي. (سعد).


[١] قول السعد: «وفساده واضح» منشؤه توهم أن اللغة هي لغة العرب، ولذلك وُضِع علم اللغة. (علوي).