هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 502 - الجزء 2

  قال السبكي في منع الموانع⁣(⁣١): إنه لم يجد له في هذه الطريقة مستنداً من معقول ولا منقول، قال: ولا رأيتها فيما رأيت من كتب الأصول، ولا أدري من أين أخذها. قال: ولعله أخذها من قول بعض الأصوليين في الاستدلال على أن الأمر ليس نهياً عن ضده كما أن النهي⁣(⁣٢) ليس أمراً بضده، فكأنه مقيس عليه؛ للقطع فيه بذلك، لكن ليس فيه صراحة؛ لاحتمال أن يراد ذكر المسألتين معاً واختيار النفي فيهما لا كون إحداهما أصلاً للأخرى.

  قال: ولهذا حذفتها في جمع الجوامع.

  قلت: وقد تابع ابن الحاجب في هذه المقالة الفاضل القرشي واختارها لنفسه بناء منه على أن متعلق النهي نفي الفعل، وهو عدم، فليس أمراً ولا متضمناً له، بخلاف الأمر فإنه طلب الفعل مع المنع من الترك، والمنع من الترك هو عين معنى النهي، فكان مقتضى⁣(⁣٣) للأمر؛ ولذا قال: فأما أضداده التي هي معان وجودية فهي خارجة


(قوله): «قال السبكي في جمع الجوامع» لعله في شرح جمع الجوامع؛ إذ لم يذكر ذلك في جمع الجوامع، وفي بعض النسخ: في منع الموانع.

(قوله): «لم يجد له» أي: لابن الحاجب «في هذه الطريقة» أي: الحكاية لهذا المذهب عن بعض الناس، وهو الاقتصار على الأمر.

(قوله): «مستنداً من معقول ولا منقول» يقال: لا دخل للعقل في تصحيح الرواية عن القائل بهذا المذهب، وعبارة شرح الجمع: وقال المصنف: إنه لم يعثر عليه نقلا ولم يتجه له عقلاً.

(قوله): «كما أن النهي ... إلخ» هذا مقول قول بعض الأصوليين.

(قوله): «للقطع فيه» أي: في المقيس عليه.

(قوله): «ليس فيه صراحة» أي: تصريح.

(قوله): «في هذه المقالة» المقالة ليست لابن الحاجب، وإنما رواها عن بعضهم، ولعله أراد أنه تابعه في هذه الطريقة أي في روايتها عن بعضهم، فأثبتها القرشي واختارها لنفسه.

(قوله): «فكأنه» أي: المنع من الترك.

(قوله): «مقتضى للأمر» على صيغة اسم المفعول.

(قوله): «ولذا قال» أي: القرشي.


(١) في نسخة: جمع الجوامع، وقد حرر بعضهم على المصدر لفظ التصحيح.

(٢) قال في التحرير: ومنهم من اقتصر على الأمر، أي قال: الأمر بالشيء نهي عن ضده وسكت عن النهي، وهو معزو إلى الأشعري ومتابعيه.

(٣) قال القاضي إسحاق بن محمد العبدي في بحث مقدور بين قادرين ما نصه: اختلفت أقوال المتكلمين في بيان الضدين، فبعضهم قال: هما الوصفان الوجوديان المتعاندان اللذان يمتنع =