هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 504 - الجزء 2

  المطلوب فيه فعل⁣(⁣١) المأمور به.

  إذا تقرر هذا فالضد في النهي عند من أثبته إن كان واحداً كان النهي دليلاً على وجوبه بعينه، وإن كان متعدداً تعلق الوجوب بها على البدل، صرح به أبو الحسين البصري، وهو قياس ما ذهب إليه أصحابنا، أو بواحد غير معين كما هو قياس قول المخالفين فيما سلف.

  ومن فوائد الخلاف في هذه المسألة أنه هل يستحق العقاب بترك المأمور به فقط في الأمر وبفعل المنهي عنه فقط في النهي أو بهما مع عقاب ارتكاب فعل الضد في الأول وتركه في الثاني؟

  ومنها: إذا قال رجل لامرأته: إن خالفت أمري أو نهيي فأنت طالق، ثم قال لها: لا تقومي، فقامت في الأول أو قومي فقعدت في الثاني فإنها تطلق عند من يقول بأن الأمر عين النهي عن ضده والعكس؛ لأنها خالفت أمره المفهوم من النهي ونهيه المفهوم من الأمر، ومن يقتصر على الأمر تطلق عنده على الثاني فقط، وتطلق عند العاكس على الأول⁣(⁣٢) فقط.

  وأما من لا يقول بأن الأمر عين النهي عن ضده ولا النهي عين الأمر بضده فإنها لا تطلق في المثالين سواء قيل بأن كلاً منهما يستلزم الآخر أو لا.


(قوله): «عند من اثبته» أي: أثبت الخلاف فيه.

(قوله): «ما ذهب إليه أصحابنا» يعني في الواجب المخبر.

(قوله): «سواء قيل بأن كلا منهما يستلزم الآخر أو لا» لعل وجهه «بياض في الأصل».


(١) في شرح أبي زرعة على الجمع ما لفظه: أما النهي عن الشيء هل هو أمر بضده أم لا؟ فيه طريقان: أحدهما: أنه على الخلاف السابق في الأمر، والثاني: أمر بالضد قطعاً، وهي طريقة القاضي في التقريب، فإنه جزم بذلك بعد حكايته الخلاف في الأمر. ووجهه: أن دلالة النهي على مقتضاه أقوى من دلالة الأمر على مقتضاه؛ فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. وضعف إمام الحرمين هذه الطريقة وقال: يلزم منها القول بمذهب الكعبي في نفي المباح، فإنه قال: لا يقدر مباح إلا وهو ضد محظور فيكون واجباً. وحكى ابن الحاجب طريقة القطع على عكس المذكورة هنا، وهي أنه ليس أمراً بالضد قطعاً، ونازعه المصنف السبكي في ثبوتها.

(٢) وهو الذي نقله ابن السبكي عن بعضهم قريباً.