[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  وحكى القاضي أبو بكر والأستاذ(١) الاتفاق على أنه كما لو ورد ابتداء.
  والفرق(٢) من وجهين: أحدهما: أن مقتضى النهي الترك، وهو موافق للأصل، لأن الأصل عدم الفعل، بخلاف مقتضى الأمر.
  والثاني: أن النهي لدفع المفسدة المتعلقة بالمنهي عنه، والأمر لتحصيل المصلحة المتعلقة بالمأمور به، واعتناء الشرع بدفع المفاسد أكثر من جلب المصالح.
  (و) قيل: يفيد بعد الوجوب (الكراهة(٣)) بناء على أن تقدم الأمر قرينة تدل عليه، وهو غير مسلم.
  (و) قيل: بل الحكم (الوقف) في مقتضاه بعد الوجوب، وهو مذهب الجويني، قال: أما أنا فأسحب ذيل الوقف عليه كما قدمته في صيغة الأمر بعد الحظر.
  فهذه (أقوال) ثلاثة قد عرفت وجوهها، ولا يخفى عليك ضعفها.
  (وحكمه الدوام) أي: الانتهاء عن المنهي عنه دائماً (والتكرار(٤)) أي:
(قوله): «الدوام والتكرار» الدوام يغني عن التكرار.
(١) هو أبو إسحاق الإسفرايني، نقل إجماع القائلين بأن النهي للتحريم على أنه قبل الوجوب وبعده سواء كما حققه السعد. (عن خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).
(٢) أي: الفرق بين تقدم النهي على الأمر وعكسه من وجهين اقتضيا أن النهي بعد الأمر للتحريم عند من يقول: إن النهي للتحريم. (من خط السيد العلامة عبدالقادر).
(٣) على قياس أن الأمر للإباحة، والجامع حمل كل من الصيغتين على أدنى المراتب؛ لأن الكراهة أدنى مرتبتي صيغة «لا تفعل»، فإنها لا ترد للإباحة، بخلاف صيغة «افعل» فالإباحة أدنى مراتبها. (ابن أبي شريف).
(*) للتنزيه، حكاه ابن تيمية في المسودة الأصولية عن حكاية القاضي أبي يعلى من الحنابلة. (غيث هامع).
(٤) في الحواشي: لفظ الدوام مغن عن التكرار والفور، وفي بعض الحواشي هنا: ولعل ذكرهما للإشارة إلى الخلاف، فقد قيل: إنه للانتهاء مرة لا للدوام إلا لقرينة. وقال السكاكي: إن كان النهي لقطع الواقع أي: لقصد إفادة قطع الواقع، أي: الحال الواقع من المخاطب يعني الحال الذي هو متلبس به في ذلك الوقت فللمرة؛ لأن تلبسه به قرينة على ذلك، كقولنا للمتحرك: لا تتحرك، وإن كان لاتصاله أي: لإفادة حثه على اتصاله فللدوام، كقولنا للمتحرك: لا تسكن؛ لأن نهيه عن ضد ما هو عليه قرينة على الدوام، وعلى هذا لا يكون قولاً ثالثاً إلا أن يكون مراد السكاكي أن ذلك يفهم من صيغة النهي في الحالتين المذكورتين من غير دخل للقرينة، وهو بعيد وغير مسلم. (من الفصول وشرحها للشيخ لطف الله |).