هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في لفظ النهي]

صفحة 532 - الجزء 2

  لبساً أو نزعاً من جهة الفرق بينهما في اللبس أو النزع لا الجمع بينهما فيه. ولا بد في حسنه من إمكان الجمع لئلا يكون تكليفاً بالمحال، وإمكان الفرق لئلا يكون النهي عبثاً⁣(⁣١).

  (أو جميعاً) كالنهي عن الزنا والسرقة، فكل واحد منهما منهي عنه، فيصدق بالنظر إليهما معاً أن النهي عن متعدد وإن كان بالنظر إلى كل واحد منهما أن النهي عن شيء واحد. ولا بد في حسنه من إمكان الخلو عنهما، فلا يجوز النهي عن الحركة⁣(⁣٢) والسكون معاً لامتناعه فيهما.

[النهي يدل على الفساد]

  مسألة: (وهو) أي: النهي لمعناه الحقيقي وهو التحريم (يدل على الفساد) المرادف للبطلان، وقد عرفت معناه (شرعاً) لا لغة⁣(⁣٣) في أمرين، وهما العبادات


(قوله): «لمعناه الحقيقي وهو التحريم» إشارة إلى ما ذكره في شرح الجمع عن بعضهم من أن محل الخلاف إنما هو في نهي التحريم، لا في نهي التنزيه فلا خلاف فيه على ما يشعر به كلامهم، ثم ذكر في شرح الجمع جريان الخلاف فيه وأنه رجح صاحب الجمع أنه كنهي التحريم، قال: لأن المكروه مطلوب الترك فلا يعتد به إذا وقع، وذلك هو الفساد، قال: وذكر ابن الصلاح والنووي أن الصلاة في الأوقات المكروهة لا تنعقد وإن قلنا: إن الكراهة فيها للتنزيه، واستشكله الأسنوي بأنه كيف يباح الإقدام على ما لا ينعقد؟ وهو تلاعب، ولا إشكال فيه؛ لأن نهي التنزيه إذا رجع إلى نفس الصلاة يضاد الصحة، فإن المكروه غير داخل في مطلق الأمر، وإلا يلزم كون الشيء مطلوباً منهياً، والله أعلم. اهـ والذي في الفصول: وأما نهي الكراهة فيدل على مرجوحية المنهي عنه لا على فساده، كالنهي عن الصلاة في الأماكن المكروهة كإعطان الإبل.

(قوله): «المرادف للبطلان» اعلم أن الشيخ⁣[⁣١] العلامة | في شرح الفصول وسع الكلام في هذا المقام لاحتياجه إلى ذلك، فينبغي أن نقتفي أثره في الاستيفاء فنقول: قيد المؤلف # الفساد المختلف فيه في دلالة النهي عليه بأنه المرادف للبطلان في العبادات والمعاملات ولم يطلق الفساد كما في شرح المختصر وشرح الجوهرة، ولا جعله على حسب الخلاف المتقدم في مباحث الأحكام، =


(١) وذلك فيما لا يمكن فيه الفرق، نحو: لا تركع دون أن تحدث حركة. (شرح فصول).

(٢) في الفصول وشرحها للسيد صلاح | ما لفظه: ويقبح النهي عن الجمع إن لم يمكن الخلو عن أحدهما أو كان لا يقدر على فعل شيء منها أو لا يمكنه الخلو عن جميعها. فالأول نحو أن يقول: لا تتحرك ولا تسكن، والثاني نحو: لا توجد السواد والبياض، والثالث نحو: اركع ولا تحدث حركة ولا اعتماداً. وقبح النهي في هذه أما في الأول والثالث فلأن فيه تكليفاً بما لا يطاق، وأما الثاني فلأنه عبث.

(٣) لأن الإجزاء وعدمه وشرائط البيع وأحكامه لم تخطر ببال واضع اللغة، فكيف يدل النهي عليه لغة. (جامع أصول).


[١] (قوله): «اعلم أن الشيخ ... إلخ القولة» يحقق البحث في هذه القولة من محله. (ح).