هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 535 - الجزء 2

  وكل واحد منهما ركن من البيع، وكالنهي عن بيع الملاقيح - أي: ما في البطون من الأجنة - لانعدام المبيع⁣(⁣١)، وهو ركن من البيع.

  أو صفته الملازمة كبيوع الربا؛ لاشتمالها على الزيادة اللازمة بالشرط.

  ومنهم من فرق بين المنهي عنه لعينه ولوصفه في الحكم والخلاف، والصحيح عدم التفرقة، وعليه أكثر المؤلفات، وهذا هو المختار، وإليه ذهب أبو طالب


(قوله): «ومنهم من فرق بين المنهي لعينه ولوصفه في الحكم والخلاف» كما حكاه في شرح الجمع صاحب الجمع عن بعضهم من أن المنهي عنه لعينه لا خلاف في فساده، قال: وقد صرح بذلك أبو زيد في تقويم الأدلة، وذكر في شرح الجمع عن بعضهم أن المنهي عنه لغيره غير مشروع أصلاً، ففرق بينهما في الحكم، قال: فقد استعمل فيه للفساد مجازاً عن نفيه الذي هو الإخبار بعدمه لا بعدم محله. قلت: ومقتضى ما في الفصول الفرق بينهما، فإنه ذكر المنهي عنه لعينه أولاً ولم يذكر فيه خلافاً، لكن هو مبني على أنه ما نهي فيه عن الجنس كالظلم، فالأولى ما ذكره المؤلف # من عدم الفرق⁣[⁣١] بين المنهي عنه لعينه ولوصفه في الحكم والخلاف، وفيه تأييد لما ذكره الشيخ العلامة من أنه لا يظهر للتقسيم نتيجة، لا سيما مع جعل الفساد مرادفاً للبطلان، ومع عدم الفرق بين المنهي عنه لأمر خارج وبين الصلاة في الدار المغصوبة.

(قوله): «وعليه أكثر المؤلفات» كما في كتب أصحابنا المتقدمين كأبي طالب والمنصور بالله وصاحب المقنع وصاحب الجوهرة وشارحها، فإنك قد عرفت من المنقول عن الشيخ العلامة أنهم أطلقوا في كتبهم دلالة النهي على فساد المنهي عنه ولم يقسموه إلى الأقسام الثلاثة، وكذلك الإمام المهدي # في المعيار أطلق كما أطلقوا وتبعه صاحب الكافل، وابن الحاجب أيضاً جعلهما متحدين في الحكم حيث قال: والنهي عن الشيء لوصفه كذلك، قال المحقق: أي يدل على الفساد كالمنهي عنه لعينه، لا في الخلاف ففي المنهي عنه لوصفه روي الخلاف عن الأكثر لا في المنهي عنه لعينه، وحكي في المنهي عنه لوصفه عن أبي حنيفة أنه يقول: إن النهي يدل على فساد الوصف لا الأصل، ولم يذكر خلافه في المنهي عنه لعينه.


(١) وللجهالة، ذكره في البحر، وفي جامع الأصول: للغرر، وقيل: لأنه كعضو من أمه.

(*) ينظر في كونه معدوماً فإنه موجود. وفي النهاية: الملاقيح: جمع ملقوح، وهو جنين الناقة، يقال: لقحت الناقة، وولدها ملقوح به، إلا أنهم استعملوه بحذف الجار، والناقة ملقوحة. وإنما نهي عنه لأنه من بيع الغرر. اهـ والمؤلف # تبع في ذلك المحلي في شرح جمع الجوامع، ثم رأيت في القاموس وإذا فيه: الملاقيح: الأمهات وما في بطونها من الأجنة، أو ما في ظهور الجمال الفحول. اهـ فيتم قوله: لانعدام المبيع. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد |).


[١] قال في التحقيق⁣[⁣٠]: وحكم النهي فيه أي فيما قبح لعينه إما وضعاً أو شرعاً بيان أنه أي المنهي عنه غير مشروع أصلاً؛ لأن ما قبح لعينه لا يتصور أن يكون مشروعاً بوجه، ثم إن كان المنهي عنه من الأفعال الحسية كالزنا وشرب الخمر يبقى النهي على حقيقته لبقاء شرطه، وهو تصور المنهي عنه من النهي مع تحقق القبح فيه، وإن كان من الأفعال الشرعية كما في بيع الحر والمضامين والملاقيح صار النهي فيه بمعنى النفي مجازاً؛ لمشابهة بينهما في اقتضاء كل منهما عدم الفعل وإن كان اقتضاء النهي العدم من قبل العبد واقتضاء النفي العدم من الأصل. (ح).

[٠] التحقيق شرح على منتخب الأخسيكتي تأليف العلامة عبدالعزيز بن أحمد بن محمد البخاري، وهو في مجلدين.