[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]
  شرعي وهو ما يكون له مع تحققه الحسي تحقق شرعي بأركان وشرائط مخصوصة(١) اعتبرها الشارع بحيث لو انتفى بعضها لم يجعله الشارع ذلك الفعل ولم يحكم بتحققه، كالصلاة بلا طهارة والبيع الوارد على ما ليس بمحل(٢) وإن وجد القبح(٣) لعينه أو لغيره.
  فالنهي عن الفعل الحسي يحمل عند الإطلاق على القبيح لعينه، أي: لذاته أو لجزئه، وعند القرينة الدالة على أن النهي للغير يكون قبيحاً لغيره(٤)، وحينئذ إن كان ذلك الغير وصفاً ملازماً(٥) للمنهي عنه فهو بمنزلة القبيح لعينه، وإن كان مجاوراً منفصلاً عنه فلا كقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}[البقرة: ٢٢٢]، دلت القرينة على أن النهي عن القربان للمجاور، وهو الأذى(٦)، فإن قربها وعلقت ثبت النسب اتفاقاً.
  والنهي عن الفعل الشرعي يحمل عند الإطلاق على القبيح لغيره، وبواسطة القرينة على القبيح لعينه، وهذا الطرف يوافقون في بطلانه.
(قوله): «وإن وجد القبح لعينه أو لغيره» هذا عائد إلى قوله: ولم يجعله الشارع ذلك الفعل، يعني وإن وجد القبح الذي دل عليه النهي في الفعل الشرعي لعينه أو لغيره فلا تفاوت في أن الشارع لا يجعله ذلك الفعل، يعني الذي اعتبره وحكم بتحققه.
(قوله): «عن القربان» بالضم والكسر، وقرب ككرم وسمع، ذكره في القاموس.
(قوله): «وبواسطة القرينة» الدالة على أن القبح لعينه.
(قوله): «وهذا الطرف» أي: القبيح لعينه. «والطرف الأول» أي: القبيح لغيره «إن كان الغير فيه مجاوراً» كالنهي عن الصلاة في الحمامات فإنه لوصف مجاور، وهو خوف إصابة رشاش الغسالة أو لوسوسة، وفيه كلام بسيط ذكره في بعض حواشي شرح المختصر في بحث الصلاة في الدار المغصوبة لا يحتمله المقام.
(١) كالبيع والنكاح وغيرهما.
(٢) كبيع الكلب والخمر؛ لأنهما ليسا بمحل للبيع.
(٣) في حاشية: هذا مرتبط بقوله: لم يجعله الشارع ذلك الفعل، فتكون الواو صلة لمجرد الربط.
(٤) كبيع الكلب والخمر فالقبح من جهتهما، وأما نفس البيع فصحيح لا قبح من جهته.
(٥) كالوقت للصوم لكونه معياراً له، بخلاف الوقت للصلاة فهو من قبيل المجاور لكونه ظرفاً لها. (تلويح). يصلح ما ذكره مثالاً للفعل الشرعي.
(٦) في شرح التحرير: فإن النهي عن وطئها إنما هو لمعنى الأذى، وهو مجاور للوطء غير متصل به، وليس بلازم له؛ إذ قد ينفك عنه كما في حالة الطهر. اهـ بلفظه.