هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثاني: في الأوامر والنواهي]

صفحة 539 - الجزء 2

  والطرف الأول من الشرعي إن كان الغير فيه مجاوراً فهو صحيح مكروه⁣(⁣١)، وإن كان وصفاً ملازماً فصحيح بأصله⁣(⁣٢) فاسد بوصفه؛ لانتفاء ما يدل على أن القبح فيه لعينه، فهذا محل النزاع⁣(⁣٣).

  ومنه⁣(⁣٤) يعرف أنهم لا ينفون دلالة النهي على الفساد بأحد معنييه⁣(⁣٥)، وإنما ينفون دلالته على ما يرادف البطلان، وأن قولهم بدلالته على الصحة لا ينافي القول بدلالته على الفساد بالمعنى الأول، وإنما يتنافيان بالمعنى الثاني.

  (لنا) في الاحتجاج للمذهب الأول أما على دلالته عليه شرعاً فوجهان: أحدهما: دلالة الإجماع، وذلك (أن السلف) من علماء الأمصار في الأعصار (لم


(قوله): «بأحد معنييه» وهو الفساد الذي لا يرادف البطلان؛ لما عرفت من أن المراد بالصحة صحة الأصل لا الوصف، وهذا معنى الفساد عندهم بالمعنى المتقدم في مباحث الأحكام، أعني شرح الأصل لا الوصف.

(قوله): «بالمعنى الأول» أعني شرع الأصل لا الوصف؛ لأن الفساد بهذا المعنى متضمن لأمرين: صحة الأصل، وفساد الوصف.

قوله): «بالمعنى الثاني» يعني الفساد المرادف للبطلان.

(قوله): «إما على دلالته عليه شرعاً» وسيأتي الاحتجاج على عدم دلالته عليه لغة؛ لأن هذه المقالة مشتملة على الطرفين كما عرفت.

(قوله): «أحدهما دلالة الإجماع» أي: دلالة الإجماع المتقدم انعقاده على المخالف، قال في المجزي: لأن المعلوم من حال الصحابة والتابعين أنهم كانوا يحكمون بفساد العقود وغيرها لتناول النهي لها، ويرجعون في الدلالة على فسادها إلى مجرد النهي الوارد عن الله تعالى وعن الرسول ÷، =


(١) (ولو) كان طريق ثبوت النهي (قطعياً كالبيع وقت النداء) أي: أذان الجمعة بعد زوال الشمس، فإن النهي عنه لوصف مجاور ممكن الانفكاك مشار إليه بقوله: (لترك السعي) أي: للإخلال بالسعي الواجب، أما الانفكاك فلأن البيع يوجد بدون الإخلال بالسعي؛ بأن يتبايعا في الطريق ذاهبين إليها، والإخلال بالسعي يوجد بدون البيع؛ بأن يمكثا في الطريق من غير بيع. (من تحرير ابن الهمام).

(٢) كصوم يوم العيد فإن الصوم الشرعي لا يعرف إلا من قبل الشرع، وقد نهي عنه لمعنى اتصل بالوقت الذي هو محل الأداء وصفاً لازماً له، وهو كونه يوم ضيافة الله تعالى لعباده، وفي الصوم إعراض عنها، فكان حراماً للإجماع عليه. (من تحرير ابن الهمام).

(٣) أي: الطرف الأول.

(٤) أي: هذا التحقيق.

(٥) في حاشية: وهو عدم ترتب كل الآثار، بل بعضها.