هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 554 - الجزء 2

  بمعنى أن كل لفظ يصح شركة الكثيرين في معناه لا فيه يسمى عاماً حقيقة، أما لو كانت الشركة في الاسم نفسه لا في مفهومه فهو مشترك لا عام، فعرف أن عروض العموم للألفاظ باعتبار معانيها⁣(⁣١).

  (و) اختلفوا في عروضه للمعاني على ثلاثة أقوال:

  القول الأول: أنه من عوارضها حقيقة، فتوصف به (المعاني كذلك) يعني حقيقة كما في الألفاظ⁣(⁣٢)، فيكون للقدر المشترك بينهما، وهو رأي أبي بكر الرازي⁣(⁣٣) من الحنفية وحكاه عن مذهبهم واختيار ابن الحاجب.

  ومنهم من ذهب إلى أنه موضوع لكل من الألفاظ والمعاني بالاشتراك اللفظي، وهو في غاية السقوط؛ لما تقرر من أن المجاز أولى من الاشتراك، وذلك (كعم المطر والخصب) الناس⁣(⁣٤) وعمهم العطاء (و) عمهم (الصوت) يعني أنه مسموع لهم على جهة الشمول⁣(⁣٥)، ونحو ذلك كثير، وهذا الإطلاق شائع ذائع في لسان أهل اللغة، والأصل في الإطلاق الحقيقة.

  (وكالمعاني⁣(⁣٦) الكلية) التي يتصورها الإنسان كالأجناس والأنواع فإنها شاملة لجزئياتها المتعددة الداخلة⁣(⁣٧) تحتها (فهو) أي: العموم (شمول أمر


(قوله): «فيكون للقدر المشترك بينهما» وهو شمول أمر لمتعدد.


(١) لا باعتبارها مجردة عنها؛ إذ لا وجه له.

(٢) فكما يصدق: لفظ عام، يصدق: معنى عام حقيقة. (محلي).

(٣) أحمد بن علي.

(٤) عبارة العضد: البلاد.

(٥) وإلا فعروض الصوت إنما هو لجوهر الهواء.

(٦) فيه إشارة إلى أن المعنى المقابل للفظ قد يكون من الموجودات الخارجية عيناً كالمطر وعرضاً كالخصب، وقد لا يكون كالمعاني الكلية. (سعد).

(٧) ولذلك يقول المنطقيون: العام ما لا يمنع تصوره الشركة فيه، والخاص بخلافه. (من العضد). وما لا يمنع الشركة هو مفهوم الكلي، وأنت خبير بأنهم إنما يقولون ذلك للكلي لا للعام، بل العام والخاص عندهم إنما يقال لمفهومين يصدق أحدهما على كل ما يصدق عليه الآخر من غير عكس، =