[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  لمتعدد(١)) سواء كان ذلك الأمر لفظاً أو معنى.
  فإن قيل: لا نسلم أن العموم حقيقة في شمول أمر لمتعدد، بل هو حقيقة في شمول أمر متحد لمتعدد، وما ذكرتموه من عموم المطر والخصب والإعطاء والصوت ليس كذلك؛ لأنه بالحقيقة شمول متعدد هو أجزاء المطر لمتعدد هو أجزاء الأرض، وكذلك العطاء والإنعام الخاص بكل واحد من الناس.
  وكذلك الصوت فإن الواصل منه إلى صماخ زيد غير الواصل منه إلى صماخ غيره، وإلا لزم حلول المعنى الواحد بمحال متعددة(٢)، وهو محال، ولو سلم أنه يدرك في
(قوله): «ولو سلم أنه» أي: الصوت «يدرك في محله» أي: تدركه حاسة السمع في المحل الذي حصل الصوت بالقرع فيه أي في ذلك المحل، فالإلزام بحلول المعنى الواحد في محال متعددة مبني على أنه لا يدرك في محله، بل يدرك بواسطة حلول الصوت في الهواء فيتموج الهواء به حتى يصل إلى الصماخ فيقع في أي صماخ[١] كما هو رأي الأكثر، لا على ما هو رأي البعض من أن الصوت العام أدرك في محله الذي وقع فيه فلا حلول للمعنى الشخصي في محال متعددة.
= أو يصدق كل منهما على بعض ما يصدق عليه الآخر فقط. (سعد). ولقائل أن يقول: ليس الغرض من هذا الكلام أن المنطقيين يعرفون العام بما لا يمنع تصوره الشركة، بل المقصود أن كل عام عندهم كلي؛ لأن كل عام يصدق على كثيرين؛ لأنه يجب صدقه على الخاص وعلى غيره تحقيقاً لمعنى العموم، وكل ما يصدق على كثيرين فهو كلي، وكل كلي لا يمنع تصوره الشركة، فيكون كل عام عندهم لا يمنع تصوره الشركة، فهم وإن لم يصرحوا بأن العام لا يمنع تصوره الشركة لكنهم يقولون به من جهة المعنى قطعاً، وكذلك كل كلي عندهم عام؛ لأن الكلي يجب أن يكون أعم من كل واحد من جزئياته قطعاً؛ ولهذا يقال: الإنسان أعم من زيد مطلقاً، وكذلك يقولون: كل جزئي حقيقي فهو خاص؛ لأن كل جزئي حقيقي مندرج تحت أعم، وكل مندرج تحت أعم فهو خاص، فيكون كل جزئي حقيقي خاصاً، ويلزمه بعكس الاستقامة أن يكون بعض الخاص جزئياً حقيقياً، ومعلوم أن كل جزئي حقيقي يمنع تصوره الشركة، فيصدق في الجملة: أن الخاص يمنع تصوره الشركة، وهذا القدر كاف في إثبات مطلوب المصنف، وهو أن المعاني الكلية عندهم متصفة بالعموم. (جواهر التحقيق).
(١) إشارة إلى أن له مفهوماً واحداً شاملاً لعموم الألفاظ والمعاني، فيندفع ما يقال: إن مجرد صحة الإطلاق لا يوجب كونه حقيقة؛ لجواز أن يكون مجازاً، وهو خير من الاشتراك. (سعد الدين). قوله: هو شمول أمر ... إلخ قال صاحب جواهر التحقيق: فيكون العموم حقيقة في عموم الألفاظ وعموم المعاني؛ لأنه ظهر أنه حقيقة في حقيقة مشتركة بينهما، وهو شمول أمر لمتعدد مطلقاً، وفيه إشارة إلى أن العموم مشترك بين عموم الألفاظ وعموم المعاني اشتراكاً معنوياً لا اشتراكاً لفظياً. اهـ بلفظه.
(٢) وهي الصماخات مثلاً.
[١] في نسخ: فيقع في صماخ هذا السامع غير ما وقع في صماخ الآخرين. (ح).